lundi 18 mars 2013

و أنا خيرُكم لأهلي



فضيلة  الشَّيخ عثمان بن محمَّد الخميس حفظه الله

إنَّ الحمدَ لله ، نحمدُه و نستعينُه و نستغفرُه ، و نعوذُ بالله مِنْ شرورِ أنفسِنا و مِنْ سيِّئاتِ أعمالِنا ، مَنْ يهدِه الله فهو المهتدي ، و مَنْ يُضْلِلْه فلنْ تجدَ له وليّاً مرشداً ، و أشهدُ أنْ لا إلهَ إلا الله وحدَه لا شريكَ له ، و أشهدُ أنَّ محمَّداً عبدُه و رسولُه ، أمَّا بعدُ :
فإنَّ خيرَ الكلامِ كلامُ الله ، و خيرَ الهدي هَدْيُ محمَّدٍ صلَّى الله عليه و سلَّم ، و إنَّ شَرَّ الأمورِ مُحْدَثاتها ، و كلّ محدثةٍ بدعة ، و كلّ بدعةٍ ضلالة ، و كلّ ضلالةٍ في النَّارِ .
كلماتٌ نردِّدها دائماً ، نقولُ دائماً في مستهلِّ حديثِنا : ( و خير الهدي هدي محمَّدٍ صلَّى الله عليه و سلَّم ) ، فإذا كانَ هذا الهدى هو خير الهدي إذاً يجبُ علينا أنْ نتعلَّمَه ، ثمَّ يجيبُ علينا أنْ نتأسَّى به ، و ذلك أنَّ الله تباركَ و تعالى إنما بعثَه ليكونَ لنا قدوةً ، و ما أحسنَ أنْ يكونَ للإنسانِ قدوة ، و لذلك قيلَ :
فتشبَّهوا إنْ لم تكونوا مِثْلَهم *** إنَّ التَّشبُّه بالكرامِ فلاحُ

الله جلَّ و علا يقولُ لنبيِّه محمَّدٍ صلَّى الله عليه و سلَّم و هو سيِّدُ الخَلْقِ  ، سيِّد وَلَدِ آدم ، يقولُ له : " أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ ... ( 90) " سورة الأنعام ، فإذا كانَ أمرَ النَّبيَّ صلَّى الله عليه و سلَّم أنْ يقتديَ فنحن مِنْ باب أولى أنْ نؤمَرَ بهذا الأمرِ ألا و هو أنْ نقتديَ ، ثمَّ نقتديَ بمنْ ؟؟
الرَّسولُ صلَّى الله عليه و سلَّم أمِرَ أنْ يقتديَ بمنْ سبقَ ليكونَ له أسوة  ، و نحن نقتدي كذلك بمنْ سبقَ ، و لكنْ كلَّما كانَ القدوةُ خيراً و أفضلَ و أعظمَ كلَّما كانَ هذا أولى ، و لم نجدْ على وجهِ الأرضِ منذ خلقَ آدمَ إلى يومِنا هذا .. إلى أنْ تقومَ السَّاعةُ ، و لنْ يجدَ أحدٌ أحسنَ قدوةً مِنَ النَّبيِّ محمَّدٍ صلَّى الله عليه و سلَّم .
فإذا كانَ الأمرُ كذلك و أنه يجبُ علينا أنْ نتَّخذَ هذا النَّبيَّ قدوةً - صلَّى الله عليه و سلَّم - إذاً ينبغي علينا أنْ نعرفَ أوَّلاً كيفَ كانَ يعيشُ صلَّى الله عليه و سلَّم حتَّى نقتديَ به ؟؟ و الكلامُ عنْ سيرتهِ يطولُ صلواتُ ربِّي و سلامُه عليه ، و ليسَ هذا المجالُ  مجالَ الخوضِ في كلِّ سيرتهِ صلواتُ ربِّي و سلامُه عليه ، و قد أحسنَ الإخوةُ القائمونَ على هذا الملتقى أنْ ينتقوا مَثَلاً مِنْ حياةِ النَّبيِّ صلَّى الله عليه و سلَّم ألا و هو سيرته مع أهلهِ صلواتُ ربِّي و سلامُه عليه ، و انتقَوا عنواناً جميلاً  كذلك و هو
و أنا خيرُكم لأهلي
مُقْتَبَسٌ و مُتْقَطَعٌ مِنْ حديثِ النَّبيِّ صلَّى الله عليه و سلَّم : " خيرُكم خيرُكم لأهلهِ و أنا خيرُكم لأهلي " .
هذا النَّبيُّ الكريمُ صلواتُ ربِّي و سلامُه عليه الذي أمرَنا الله أنْ نقتديَ به له مِنَ الأشغالِ ما الله به عليمٌ ، فهو قائدُ الأمَّةِ و مُرْشِدُها ، و هو كذلك المربِّي و القدوة ، و هو صاحبُ الأمرِ ، و هو صاحبُ النَّهي - صلواتُ ربِّي و سلامُه عليه - يحملُ هَمَّ الأمَّةِ كلّها ، و له إحدى عشرةَ زوجةً صلواتُ ربِّي و سلامُه عليه ، و عنده جهادٌ في سبيلِ الله تعالى ، و دعوةٌ إلى الله جلَّ وعلا ، و كانَ يصومُ حتَّى يقال لا يفطرُ ، و كانَ يقومُ حتَّى يقال لا ينامُ ، يقومُ حتَّى تتفطَّر قدماه صلَّى الله عليه و سلَّم ، و يجلسُ مع أصحابهِ و يسافرُ معهم .. و مع هذا كلِّه لم يقصِّر في حقِّ أهلهِ أبداً صلواتُ الله و سلامُه عليه !! فإيتوني بهؤلاء النَّاسِ الذين يقولونَ أوقاتنا لا تَسَعُ !! حتَّى تفرّغ بعض وقتِنا لأهلِنا !! .
فكيف استطاعَ هذا النَّبيُّ الكريمُ صلواتُ ربِّي و سلامُه عليه أنْ يفرغَ  مِنْ وقتهِ لأهلهِ صلواتُ ربِّي و سلامُه عليه ؟؟
يقولُ ابنُ القيِّم عنْ هذا النَّبيِّ الكريمِ صلواتُ ربِّي و سلامُه عليه : و كانتْ سيرتُه مع أزواجهِ حُسْنَ العِشْرَة و حُسْنَ الخُلُقِ ، و كانَ يسرِّب  إلى عائشةَ بنات الأنصارِ يلعبنَ معها ، و كانتْ إذا هَوِيَتْ شيئاً - أي أحبَّتْ شيئاً - لا محذورَ فيه تابعَها عليه صلواتُ ربِّي و سلامُه عليه .
قالَ : و كانتْ إذا شربتْ مِنَ الإناءِ مِنْ موضعٍ وَضَعَ فمَه مكانَ الموضعِ الذي وضعتْ فيه فمَها فيشربُ صلواتُ ربِّي و سلامُه عليه  ، و إذا تعرَّقتْ عَظْماً - أي نهشتْ مِنْ عَظْمٍ - أتى المكانَ الذي نهشتْ فنهشَ منه تطييباً لقلبِها صلواتُ ربِّي و سلامُه عليه .
يقولُ : و كانَ يقرأ القرآنَ في حِجْرِها ، يضعُ رأسَه في حِجْرِ زوجتهِ عائشةَ و يقرأ القرآنَ صلواتُ ربِّي و سلامُه عليه ، و ربما سابقَها  فسبقتْه و سابقتْه فسبقَها صلواتُ ربِّي و سلامُه ، و كانَ يقولُ : " خيرُكم خيرُكم لأهلهِ و أنا خيرُكم لأهلي " صلواتُ ربِّي و سلامُه عليه .

لما مَرِضَ مَرَضَ الموتِ في هذا الوقتِ الحرجِ يُراعي مشاعرَ أزواجهِ ، و كانَ يُنْقَلُ صلواتُ ربِّي و سلامُه عليه في هذا المرضِ مِنْ بيتٍ إلى بيتٍ حتَّى تأخذ كلُّ واحدةٍ منهنَّ حقَّها في رعايتهِ و العنايةِ به صلواتُ ربِّي و سلامُه عليه حتَّى شعرْنَ مِنْ كَثْرَةِ أسئلتهِ : " أَيْنَ أَنَا غَدًا ؟؟ أَيْنَ أَنَا غَدًا ؟ " ، فَشَعَرْنَ أنه يتمنَّى أنْ يبقى طوالَ هذه الفترةِ عند عائشةَ  فأذِنَّ له صلواتُ ربِّي و سلامُه عليه ، يطلبُ الإذِنَ حتَّى في هذه صلواتُ ربِّي و سلامُه عليه !!
له في حياتهِ مواقفُ كثيرةٌ مع أزواجهِ  ننبِّه على بعضِها ، لأنَّ القَصْدَ هو التَّأسِّي ، أنْ نعرفَ كيف كانَ يعيشُ ؟؟ كيف كانَ يُعَامِلُ ؟؟  كيف كانَ يتصرَّف إزاءَ مشكلاتهِ ؟؟ لأنه بشرٌ مِثْلنا ، و يتعاملُ مع بشرٍ ، و يحدثُ له مِنَ المشكلاتِ كما يحدثُ لنا ، كيف عالجها ؟؟ و كيف ينبغي لنا أنْ نفعلَ إذا وقعنا بمثلِ أو قريبٍ ما وقعَ فيه صلواتُ ربِّي و سلامُه عليه ؟؟
* - خرجَ يوماً إلى البقيع في اللَّيلِ - و كانَ في يومِ عائشةَ -  يدعو لأهلِ البقيعِ ، فظنَّت عائشة أنه قد يكونُ خرجَ إلى بعضِ نسائهِ ،  و كانَ له تسع نسوةٍ في ذلك الوقتِ ، فخافتْ أنْ يكونَ خرجَ إلى بعضِ نسائهِ فتبعتْه رضيَ الله عنها ، فإذا هو عند البقيعِ ، لم يذهبْ إلى امرأةٍ مِنْ نسائهِ ، فظلَّتْ تنتظرُ ، فلمَّا أرادَ الرُّجوعَ أسرعتْ حتَّى لا يراها ، و كانَ النَّبيُّ قد رأى ظِلاً - زول شخص - فلم يهتمّ ، فلمَّا وصلَ إلى البيتِ فإذا عائشةُ نائمةٌ ، و لكنَّها تنهدُ مِنَ التَّعبِ ، مِنَ الرَّكضِ الذي ركضتْه ، فقالَ لها النَّبيُّ صلَّى الله عليه و سلَّم : ما لكِ يا عائشةُ ؟ حشيا رابية ؟ قالتْ : لا . قالَ : لتخبرني أو ليخبرني اللَّطيفُ الخبيرُ . قالتْ : يا رسولَ الله ! بأبي أنتَ و أمِّي ، فأخبرته الخبرَ . قالَ : أظننتِ أنْ يحيفَ الله عليكِ و رسولُه ؟
( يعني خِفْتِ أنْ أظلمَكِ في ليلتكِ و أذهب إلى امرأةٍ غيرِك ، هذا لا يقعُ منِّي أبداً )
قالتْ : مهما يكتم النَّاسُ فقد علمَه الله ، قالَ : فإنَّ جبريلَ أتاني حين رأيتُ ، و لم يدخلْ عليّ ، و قد وضعتِ ثيابَكِ ، فناداني فأخفى منك ، فأجبته فأخفيته منك ، فظننتُ أنْ قد رقدتِ ، و كرهتُ أنْ أوقظَكِ ، و خشيتُ أنْ تستوحشي ، فأمرَني أنْ آتي البقيعَ فأستغفرَ لهم .
فقالتْ : يا رسولَ الله ، أنتَ شغلتك آخرتك ، و أنا شغلتني دنياي ، أنت تفكِّر في الآخرةِ ، وأنا أفكِّر في الدُّنيا ، أنتَ تفكِّر  في الآخرةِ و في الاستغفارِ لأهلِ البقيعِ ، و أنا أفكِّر أنك قد تذهبُ  لبعضِ نسائك .
و في بعضِ الرِّواياتِ أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه و سلَّم قالَ لها : أجاءَكِ شيطانك ؟
-            الذي حرَّككِ هذا مِنْ مكانكِ -
-  فقالتْ : يا رسولَ الله ، أوَ لي شيطانٌ ؟ فقالَ : نعم ، لكلِّ إنسانٍ شيطانٌ " قرين " ، قالتْ : حتَّى أنتَ يا رسولَ الله !! قالَ : نعم ، إلا أنَّ الله أعانني عليه فأسلمَ " ، هنا " فأسلمَ " اختلفَ فيها أهلُ العِلْمِ بعضُهم قالَ : " إلا أنَّ الله أعانني عليه فأسلمَ " ، أي دخلَ في الإسلامِ ، و المعنى الآخر " إلا أنَّ الله أعانني عليه فأسلمُ " أي أسلمُ منه ، لا يأتيني منه شَرٌّ ، و لكنَّه شيطانٌ ، ما زالَ شيطاناً على ما هو عليه ، و الشَّيطانُ هو كافرُ الجِنِّ ، و مسلمُ الجِنِّ مؤمنٌ  ، فكلُّ شيطانٍ هو مِنْ كفَّارِ الجِنِّ .
بعد هذا قالتْ له عائشةُ : كيف أقولُ يا رسولَ الله إذا زرتُ القبورَ ؟ فقالَ لها : قولي السَّلامُ على أهلِ الدِّيارِ ، مِنَ المؤمنينَ و المسلمينَ ، يرحمُ الله المستقدمينَ مِنَّا و المستأخرينَ ، و إنا إنْ شاءَ الله بكم لاحقونَ .
انتهتِ القِصَّةُ ، لو كانَ غير عائشة و غير محمَّد صلَّى الله عليه و سلَّم في أيَّامنا هذه ، واحد تلحقه زوجته و هو ذاهبٌ و ينتبه لها ماذا يفعلُ  معها ؟ إذا ما ضربها .. إذا ما وقعَ الطَّلاقُ .. إذا ما وقعتْ مصيبةٌ و العياذُ بالله لمثلِ هذه الأمورِ ؛ انظروا كيف عالجَ النَّبيُّ صلَّى الله عليه و سلَّم الأمرَ ، و كيف صارتْ بعد أنْ لحقته و شكَّت و كذا صارتْ تسأله ماذا أصنعُ ؟ لأنها تطلبُ العِلْمَ مِنَ النَّبيِّ صلَّى الله عليه و سلَّم ،  فكانَ يعالجُ أمثالَ هذه الأمورِ بحِلْمٍ .
و وقعتْ قِصَّةٌ أخرى قريب مِنْ هذه أيضاً لعائشةَ أمِّ المؤمنينَ رضيَ الله عنها لأنها الوحيدةُ التي كانتْ تظهرُ دلالها على النَّبيِّ صلَّى الله عليه و سلَّم ؛ لأنها تعلمُ حبَّه لها صلواتُ ربِّي و سلامُه عليه ، كما قيلَ : عرفَ الحبيبُ مكانه فتدلَّلا ، يعني عرفتْ مكانها عند النَّبيِّ صلَّى الله عليه و سلَّم فصارتْ تتدلَّل عليه ، و النَّبيُّ يقبلُ منها صلواتُ ربِّي و سلامُه عليه ، و لذلك أكثرُ حوادثِ النَّبيِّ صلَّى الله عليه و سلَّم مع هذه المرأةِ رضيَ الله تباركَ عنها و أرضاها
* - في يومٍ مِنَ الأيامِ كانَ النَّبيُّ صلَّى الله عليه و سلَّم جالساً مع أصحابهِ في بيته فأهْدِيَ للنَّبيِّ صلَّى الله عليه و سلَّم طعامٌ ، قيلَ مِنْ زينب ، و قيلَ مِنْ صفيَّة  ، أمَّهات المؤمنينَ رضيَ الله عنهنَّ ، أهدتْ له طعاماً و لكنْ في يومِ عائشةَ ، فلمَّا سمعتْ عائشةُ بهذا خرجتْ أمام النَّبيِّ و أمامَ الصَّحابةِ رضيَ الله عنهم ، فأخذتِ الإناءَ الذي فيه الطَّعامُ و رمته في الأرضِ  حتَّى كسرته ، - غَيْرَةً .. يعني لماذا تهدينَ للنَّبيِّ صلَّى الله عليه و سلَّم في يومي ؟؟ -  فرمتِ الإناءَ في الأرضِ حتَّى انكسرَ و فسدَ الطَّعامُ الذي فيه ، فالتفتَ النَّبيُّ صلَّى الله عليه و سلَّم إلى أصحابه و قالَ : " غارتْ أمُّكم " فقط .. انتهى الأمرُ !
و الذي لا إلهَ إلا هو إنه يغلبُ على ظنِّي أنه لو فعلتِ امرأةُ أحدِنا  مِثْلَ هذا الأمرِ أمامَ ضيوفهِ إنْ ما أمسكَه ضيوفه و إلا مدفونة أو يضربُها ، أو يطلِّقها ، أو لا يكلِّمُها شهراً أو سنةً .. حسب ما يرى مِنَ العقوباتِ ، و النَّبيُّ صلَّى الله عليه و سلَّم راعى قضيَّةَ الغيرةِ عندها  ، و إنَّ هذا شيءٌ فِطْرِيٌّ في المرأةِ ، مفطورةٌ على هذا الأمرِ ، الغيرةُ تقتلُ المرأةَ قتلاً ، و لكنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه و سلَّم اكتفى بقولهِ : " غارتْ أمُّكم " و تركها حتَّى هدأتْ ، فلمَّا هدأتْ جاءَها النَّبيُّ صلَّى الله عليه و سلَّم و قالَ لها : " إناءٌ بإناءٍ ، و طعامٌ بطعامٍ " فقط ، سكتَ عنها و لم يعاقبْها ، و أكيد أنها ندمتْ ، تعجَّلتْ .. النَّبيُّ صلَّى الله عليه و سلَّم أنهى الموضوعَ و قالَ : المهم الإناء الذي كسرتهِ تردِّينَ بدلَه  إناءً ، و الطَّعام الذي أفسدتهِ تأتينَ بدلَه بطعامٍ ، و انتهى كلُّ هذا  الأمرِ ، هكذا كانَ يعالجُ النَّبيُّ صلَّى الله عليه و سلَّم قضاياهُ و هو القدوةُ صلواتُ ربِّي و سلامُه عليه ، و لا يقولَنَّ قائلٌ إنه لا يغارُ صلَّى الله عليه و سلَّم ، بالعكس ، لما غارَ سعدُ بنُ عبادة رضيَ الله عنه و قالَ : و الله لو وجدتُ رجلاً مع امرأتي  لقتلتُه و قتلتُها ، يقولُ النَّبيُّ صلَّى الله عليه و سلَّم : " أتعجبونَ مِنْ غيرةِ سعد ؟! و الله إني لأغيرُ مِنْ سعدٍ " صلَّى الله عليه و سلَّم ، هذا لا يعني أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه و سلَّم لا يغارُ و لكنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه و سلَّم يعالجُ الأمورَ بحِكْمَةٍ و تَؤُدَةٍ و بنظرٍ صحيحٍ صلواتُ ربِّي و سلامُه عليه .

* - جاءتْ تشتكي إليه يوماً صفيَّةُ أمُّ المؤمنينَ و تقولُ إنَّ بعضَ نسائِكَ  ، و هي عائشة  و حفصة ، و قلنَ  لي : إنكِ مِنْ بني إسرائيل و نحن قرشيَّتانِ .
يعني تفتخرانِ عليها بأنهما قرشيَّتانِ ، فجاءتْ تشتكي للنَّبيِّ صلَّى الله عليه و سلَّم ، فقالَ : " هلَّا قلتِ لهنَّ : زوجي محمَّد ، و أبي هارون  ، و عمِّي موسى " فقط ، و أنهى الموضوعَ .
ما عاقبَ عائشةَ و حفصةَ لأنه يعلمُ صلَّى الله عليه و سلَّم أنَّ هذه غيرةٌ تقعُ بين النِّساء ، أنهى الموضوعَ بأنْ طيَّب خاطرَها و علَّمها كيف  تجيبُ صلواتُ ربِّي و سلامُه عليه .

* - غضبتْ عليه يوماً نساؤه و ذلك أنهنَّ كنَّ يشعرنَ بأنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه و سلَّم يحبُّ عائشةَ أكثر ، بل هذا كانَ يصرِّحُ به صلَّى الله عليه و سلَّم لما سأله عمرو بنُ العاص قالَ : مَنْ أحبُّ النَّاسِ إليكَ ؟ قالَ : " عائشة " قالَ : و مِنَ الرِّجالِ ؟ قالَ : " أبوها " ، فهو يصرِّح بهذا صلواتُ ربِّي و سلامُه عليه لكنْ في المعاملةِ يعدلُ ، الحبُّ القلبيُّ  الإنسانُ لا يملكُه ، و لذلك جاءَ في الحديثِ - و إنْ كانَ فيه كلامٌ - " اللَّهمَّ هذا قسمي فيما أملكُ فلا تحاسبني فيما لا أملكُ " و هو القلبُ  ، فَمَيَلانُ القلبِ لا يملكُه الإنسانُ ، فكانَ النَّبيُّ صلَّى الله عليه و سلَّم  يميلُ إلى عائشةَ كثيراً و لكنْ يعدلُ مع نسائهِ كلِّهنَّ رضيَ الله عنهنَّ و صلواتُ ربِّي و سلامُه عليه .
فاجتمعتْ نساءُ النَّبيِّ صلَّى الله عليه و سلَّم و قلنَ إنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه و سلَّم يحبُّ عائشةَ أكثرَ مِنَّا ، و نحن نريدُ أنْ يعدلَ حتَّى في المحبَّةِ ، و كانَ النَّاسُ يعلمون ذلك كما قلنا عمرو بن العاص سأله قالَ : مَنْ أحبُّ النَّاسِ إليك ؟ قالَ : " عائشة " ، و لما مَرِضَ مَرَضَ الموتِ كانَ يقولُ : " أين أكونُ غداً ؟ " يريدُ عائشةَ ، و تمرض عندها ، فالقصدُ أنَّ النَّاسَ كانوا يعلمون ذلك عِلْمَ اليقينِ ، أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه و سلَّم كانَ يحبُّ عائشةَ أكثرَ مِنْ غيرِها ، و هي المرأةُ الوحيدةُ التي لم يدخلْ عليها رجلٌ سوى رسولِ الله صلَّى الله عليه و سلَّم ، أمَّا باقي نسائه كلّهنَّ تزوَّجنَ قبلَ رسولِ الله صلَّى الله عليه و سلَّم بأزواج آخرينَ ، فالشَّاهدُ أنَّ النِّساءَ شَعَرْنَ بهذا فأرسلنَ إلى فاطمةَ بنتِ النَّبيِّ صلَّى الله عليه و سلَّم و قلنَ لها : قولي لرسولِ الله صلَّى الله عليه و سلَّم أنْ يعدلَ بيننا و بين بنتِ أبي بكرٍ ، نريدُ العدلَ ، فذهبتْ فاطمةُ  إلى النَّبيِّ صلَّى الله عليه و سلَّم و إذا هو في بيتِ عائشةَ و معها في الفراشِ نائمٌ صلواتُ ربِّي و سلامُه عليه ، فقالتْ : يا رسولَ الله ، إنَّ  نساءَك أرسلْنني إليكَ يسألْنَك العدلَ في ابنةِ أبي قُحافةَ ، و أنا ساكِتةٌ ، فقالَ لها رسولُ الله صلَّى الله عليه و سلَّم : " أي بُنيَّة ، ألستِ تُحبِّين ما أُحِبُّ ؟ " ، فقالتْ : بلَى ، قالَ : " فَأحبِّي هذه " ، فقامتْ فاطمةُ حين سمعتْ ذلك مِنْ رسولِ الله صلَّى الله عليه و سلَّم فرجعتْ إلى أزواجِ النَّبيِّ صلَّى الله عليه و سلَّم فأخبرتْهنَّ بالذي قالتْ و بالذي قالَ لها رسولُ الله صلَّى الله عليه و سلَّم فقُلْنَ لها : ما نراكِ أغنيتِ عنَّا مِنْ شيءٍ ، فارجعي إلى رسولِ الله صلَّى الله عليه و سلَّم فقولي له : إنَّ أزواجَك ينشدْنكَ العدلَ في ابنةِ أبي قحافةَ ، فقالتْ فاطمةُ : و الله لا أُكلِّمُه فيها أبداً ، فاجتمعتِ النِّساء .. كيف العملُ ؟ قلنَ : أمّ سلمةَ  اذهبي أنتِ و كلِّميه ، فدخلتْ أمُّ سلمةَ على النَّبيِّ صلَّى الله عليه و سلَّم فقالتْ : يا رسولَ الله ، إنَّ نساءَك ينشدْنكَ العدلَ في ابنةِ أبي قحافةَ ، فلم يتكلَّم معها النَّبيُّ صلَّى الله عليه و سلَّم  ، فقلنَ لها : كلِّميه مرَّةً أخرى ، قالتْ : إذا جاءَ في ليلتي ، فجاءَ في ليلتِها صلَّى الله عليه و سلَّم فكلَّمتْه ، قالتْ : إنَّ نساءَك ينشدْنكَ العدلَ في ابنةِ أبي قحافةَ ، فلم يردّ عليها النَّبيُّ صلَّى الله عليه و سلَّم ، فلمَّا ما رد عليها اجتمعتِ النِّساءُ مرَّة أخرى و قلنَ يا زينبُ اذهبي أنتِ و كلِّميهِ ،  فدخلتْ زينبُ على النَّبيِّ صلَّى الله عليه و سلَّم و معه عائشةُ - طبعاً بعد أيام - فقالتْ : إنَّ نساءَك ينشدْنك العدلَ في ابنةِ أبي قحافةَ ، ثمَّ تكلَّمتْ في عائشةَ ، و النَّبيُّ صلَّى الله عليه و سلَّم ساكتٌ و عائشةُ ساكتةٌ ،  تقولُ عائشةُ : فالتفتُّ إلى النَّبيِّ صلَّى الله عليه و سلَّم : هل يأذنُ لي فيها ؟ أردُّ عليها أمْ أسكتُ ؟ ففهمتُ منه أنه لا يكرهُ أنْ أنتصرَ ، تقولُ : فتكلَّمتُ بها حتَّى أسكتُّها ، تقولُ : فقالَ رسولُ الله صلَّى الله عليه و سلَّم و تبسَّم  : " إنَّها ابنةُ أبي بكر "  و انتهى الأمرُ .
نحن نريدُ مِنْ هذا كلِّه ليسَ الصِّراعَ بين النِّساءِ و لكنْ كيف عاملَ النَّبيُّ صلَّى الله عليه و سلَّم  هذا الصِّراعَ ؟ كيف تعاملَ معه صلَّى الله عليه و سلَّم ؟
أنا أعرفُ الآن لا أقولُ كثيرينَ لكنْ أكثر مِنْ شخصٍ قطعاً عندهم أكثر مِنْ زوجةٍ و الله مشاكل و مآسٍ و الله المستعان ، يعني لا يتحمَّل منها كلمة ، فلانة قالتْ كذا و ضرب ، لمَ تتكلَّمينَ عليها ؟ فلانة قالتْ كذا ، ما أكلمك أسبوعاً ، و كذا  .. عقوبات صارمة جدّاً و لا يُرَاعى فيها قضيَّة الغيرة التي عند النِّساءِ ، و النَّبيُّ صلَّى الله عليه و سلَّم  انظروا كيف كانَ يراعي هذا الأمرَ و لا يهتمُّ له كثيراً ، بل يرى أنه مِنْ طبيعةِ المرأةِ صلواتُ ربِّي و سلامُه عليه .

* - كانَ صلواتُ ربِّي و سلامُه عليه إذا دخلَ بيتَه وقتُه لبيتهِ ، أنا يعجبُني بعضُهم يقولُ : أنا لا يمكنُ أنْ آخذَ معي عملاً إلى البيتِ ، يعني عملي في العملِ .. في الوزارةِ ، لا آخذُ معي ورقةً إلى البيتِ ، لماذا ؟ يقولُ : هذا وقتُ العملِ ، و أنا أهمّ شيء وقت العملِ للعملِ ، لا أضيِّعه و إنما أجعلُه للعملِ ، لا أنام و لا أقصِّر في عملي و إنما أؤدِّي العملَ الذي يُطْلَبُ مني ، انتهى العملُ لا يمكنُ أنْ أحملَ معي عملاً إلى البيتِ ، بيتي لي ، عندي أشياء أخرى أزاولُها .
و نحن نقولُ كذلك ، لا ينبغي للإنسانِ أنْ يشغلَ أهلَه بأعمالهِ في الخارجِ فيأتي بأعمالِ المكتبِ إلى البيتِ أو يشغل أهلَه له بما حصلَ له مع أصدقائهِ !! فليكنْ وقتُك لأهلِكَ ، و لذلك تقولُ عائشةُ رضيَ الله عنها لما سُئِلَتْ عنِ النَّبيِّ صلَّى الله عليه و سلَّم : ماذا كانَ يصنعُ في بيتهِ ؟  قالتْ : " كانَ يكونُ في مهنةِ أهلهِ " يعني هذا الوقتُ لأهلهِ ، إذاً فليكنْ كذلك لأهلهِ صلواتُ ربِّي و سلامُه عليه .

* - تقولُ عائشةُ : كانَ يُسابقُني ، خرجتُ معه مرَّةً في سفرٍ فأمرَ الجيشَ أنْ يتقدَّم و تأخَّر هو معي ، فلمَّا تأخَّرنا لا يرانا أحدٌ التفتَ إليَّ  فقالَ : تسابقينني؟ قلتُ له : نعم ، فتسابقَ معها ، تقولُ : فسبقتُه صلَّى الله عليه و سلَّم .
تقولُ : فلمَّا مَرَّتِ الأيامُ و زادَ اللَّحْمُ و ثقلتُ جاءني يوماً في سفرٍ آخرَ فقالَ : تسابقينني ؟ قلتُ : نعم ، فأمرَ الجيشَ أنْ يتقدَّم ، فسابقني فسبقني ، فقالَ : هذه بتلك . يذكِّرها أني سابقتكِ قبلَ سنواتٍ ، فالقصدُ أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه و سلَّم كانَ يُراعي مشاعرَ أهلهِ صلواتُ الله و سلامُه عليه .
*- قالَ لعائشةَ مرَّةً : " إني لأعلمُ إذا كنتِ عنِّي راضيةً ، و إذا كنتِ عليَّ غضبى " . قالتْ : مِنْ أين تعرفُ ذلك ؟ قالَ : " أمَّا إذا كنتِ عنِّي راضيةً فإنكِ تقولينَ : لا و رَبِّ محمَّد - يعني تقسمين بربِّ محمَّد - و إذا كنتِ غضبى قلتِ : لا و رَبِّ إبراهيم " ، هو واحدٌ ، ربُّ محمَّدٍ هو رَبُّ إبراهيم ، لكنْ إذا كنتِ راضيةً تقولينَ لا و رَبِّ محمَّد ، و إذا كنتِ غضبى تقولينَ لا و رَبِّ إبراهيم ، أشعرَها أنه يتنبَّه لمثلِ هذه الأشياء ، فقالتْ : أجل والله يا رسولَ الله ، ما أهجرُ إلا اسمَك .

* - عمرُ بنُ الخطَّابِ رضيَ الله عنه يقولُ : كنَّا - يعني قريش  - نغلبُ نساءَنا  . يعني المرأة في قريش مكسورة الجناح ..مهضومة الحقّ .. فيقولُ : كنَّا نغلبُ نساءَنا ، و كانتِ الأنصارُ تغلبُهمُ النِّساءُ . (العكس) ، يقولُ : فلمَّا جِئْنَا المدينةَ ( يعني لما هاجرْنا مع النَّبيِّ صلَّى الله عليه و سلَّم  ) حصلَ خصامٌ بيني و بين زوجتي ، فتكلَّمتُ عليها  فراجعتني (يعني ردَّت عليّ ) يقولُ : أوَّل مرَّة امرأة تردُّ عليّ !! لأنَّ قريشاً يغلبونَ نساءَهم .. لا تتكلَّم المرأة .. ساكتة .. مستسلمة ، قالَ : فراجعتني !! فأنكرتُ ذلك ، قالتْ : و ما لي لا أردُّ عليك و نساءُ النَّبيِّ يُرَاجِعْنه ؟؟!! إذا كانَ النَّبيُّ صلَّى الله عليه و سلَّم تراجعه نساؤه فأنتَ يا عمرُ مِنْ بابٍ أولى ، قالَ : أوَ تصدقينَ ؟ يعني هذا الكلام صحيح ، قالتْ : اسألْ حفصةَ زوجةَ النَّبيِّ صلَّى الله عليه و سلَّم . يقولُ : فجمعتُ عليَّ ثيابي و ذهبتُ إلى حفصةَ فقلتُ : أتراجعْنَ النَّبيَّ صلَّى الله عليه و سلَّم ؟ قالتْ : نعم ، و تهجرُه إحدانا أحياناً مِنَ النَّهارِ  إلى اللَّيلِ . ( يعني ليس فقط نراجعُه بل و نزعل و نتدلَّل و ما نتكلَّم معه حتَّى اللَّيل .. ) ، قالَ : ويحكِ يا حفصةُ ، أوَ ما تخافينَ أنْ يغضبَ الله لغضبِ رسولهِ  فتهلكي ؟؟!! يعني كيف تراجعينَ النَّبيَّ صلَّى الله عليه و سلَّم  ؟! استنكرَ عمرُ هذا الأمرَ رضيَ الله عنه ، و الحقيقةُ النَّبيّ صلَّى الله عليه و سلَّم يسمحُ بهذا صلواتُ ربِّي و سلامُه عليه .

أنا أقولُ إذا كانَ هذا حالُ النَّبيِّ صلَّى الله عليه و سلَّم فماذا يجبُ علينا  نحن أنْ نصنعَ ؟؟
كيف نعاملُ أهلينا في بيوتِنا ؟؟
الله تعالى يقولُ : "  ... وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ... (228)" سورة البقرة ، أي بما تعارفَ عليه النَّاسُ ، أي كما أنك تريدُ ما لكَ عليها مِنْ حقٍّ فأدِّ ما عليكَ لها مِنْ واجبٍ .. لا بدَّ ، مستحيل  أنْ يأخذَ الإنسانُ و لا يعطي ، لذلك قالوا : الغُنْمُ مع الغُرْمِ .. الذي يدفعُ يأخذُ الذي لا يدفعُ لا يستحقُّ أنْ يأخذَ أبداً .

ترى ماذا تحتاجُ زوجاتُنا مِنَّا ؟؟
* - تحتاجُ أحياناً كلمةً طيِّبةً ، كلمةً لا أكثر مِنْ ذلك ، إني أعرفُ بعضَ النَّاسِ يدخلُ بيتَه لا يسلِّم بحجَّةِ أنَّ هذا بيتي !! و بعضهم  يكونُ مِنْ ألطفِ النَّاسِ مع النَّاسِ ، فإذا دخلَ بيتَه فإذا هو غضوبٌ عبوسٌ لا يكادُ يبتسمُ ، و مع النَّاسِ في الخارجِ إنسانٌ آخر !! و كم كلَّمتني مِنَ النِّساءِ تشتكي أزواجهنَّ و تذكرُ مِثْلَ هذه الحالةِ ، تقولُ : هو مع النَّاسِ مِنْ ألطفِ النَّاسِ و أطيبِهم و أحبِّهم إليهم ، و هو في البيتِ  عبوسٌ ، غضوبٌ ، لا يفوِّتُ شيئاً ، و لا يبتسمُ ، و لا يحسنُ إلى المرأةِ ..  و إلى غير ذلك و العياذُ بالله !!
فالمرأةُ إذاً تحتاجُ مِنَّا إلى كلمةٍ طيِّبةٍ .. إلى ابتسامةٍ لطيفةٍ ، ما الذي يمنعُ  ؟! يعني النَّبيّ صلَّى الله عليه و سلَّم عندما يقولُ : " و تبسُّمك في وجهِ أخيكَ صدقةٌ " فكيف التَّبسُّم في وجهِ أمِّي .. في وجهِ بنتي .. في وجهِ زوجتي .. بوجه أقرب النَّاسِ إليّ .. هذا مِنْ باب أولى ، على الإنسانِ أنْ يجعلَ البِشْرَ على وجههِ حتَّى و إنْ لم يكنْ كذلك .. حتَّى لو كانَ غاضباً في الخارج لا يدخلُ  مشاكلَ الخارجِ إلى البيتِ .. يبتسم في بيتهِ و لو كانَ غاضباً في الخارج .
فتحتاجُ إذاً إلى كلمةٍ طيِّبةٍ .. إلى ابتسامةٍ لطيفةٍ .. إلى لمسةٍ حانيةٍ .. إلى قبلةٍ عطوفةٍ ، كلُّ هذه الأشياء تحتاجُها المرأةُ مِنْ زوجِها .. تحتاجُ  إلى معاملةٍ بالحسنى ، النَّبيُّ صلَّى الله عليه و سلَّم لما ذَكَرَ بعضَ أحوالِ الرِّجالِ مع النِّساءِ قالَ : " لا  يُقَبِّحُ " نهى عنِ التَّقبيحِ .. لا يقبِّح  وجهاً .. لا يقبِّح تصرُّفاً .. و لكنْ ينصح و يعظُ ، و لذلك انظروا إلى قولِ الله تعالى : " فَعِظُوهُنَّ  " ، فبدأ بالموعظةِ سبحانه و تعالى .
فالقصدُ أنَّ الإنسانَ يحتاجُ إلى أنْ يغيِّر معاملتَه مع زوجتهِ ، ما المانعُ مِنْ أنْ يأتيَها بهديَّةٍ ؟ كثيرٌ مِنَّا قد يكونُ تزوَّج مِنْ سنواتٍ و لم يفكِّر يوماً أنْ يأتي بهديَّةٍ لزوجتهِ !! قد يكونُ يحرصُ على أصدقائهِ مثلاً ، لأي مناسبةٍ أتاه بهديَّةٍ ، بينما زوجتُه قد تمرُّ السَّنواتُ و لا يأتيها بهديَّةِ !!
و لو كانتْ هديَّةً رمزيَّةً ، ليسَ بالضَّرورةِ أنْ تكونَ غاليةً ، كلٌّ على ما أعطاه الله تباركَ و تعالى ، و لكنِ القصد أنْ يعطيَ هديةً و لو رمزيَّةً ، المهم يعبِّر لها عنْ محبَّتهِ أو عنِ امتنانه أو إخلاصهِ و صِدْقِه و ما شابَه  ذلك مِنَ الأمورِ ، أو نزهة .. يأخذها في نزهةٍ ، بين فترةٍ و أخرى يخرجُ معها يتنزَّهان ، أنا أعرفُ البعض أنه يقولُ : صارَ لي ثلاث سنوات ما خرجتُ مع أهلي !! يعني في نزهةٍ .. يخرجونَ زيارات و كذا  لكنْ خروج لها هي .. تخرج معها في بَرّ .. في بحر ..في حديقة أو غير ذلك مِنَ الأمورِ .

*-  كذلك تحتاجُ المرأةُ أنْ تحترمَ شخصيَّتها ، كما أنَّ لكَ شخصيَّة فهي لها شخصيَّة ، أعطِها حقَّها في التَّعبيرِ .. أنْ تعبِّر عنْ رأيِها ، و إنْ خالفتْكَ ما المشكلة ؟
ليسَ بالضَّرورةِ أنْ يُوافقَك النَّاسُ جميعاً ، كما أنك تتقبَّل أنْ يخالفَك غيرُك مِنَ النَّاسِ مِنْ أصدقائِكَ أو جيرانِكَ أو معارفِكَ أو زملاءِ العملِ فتقبَّل أنْ تخالفَك زوجتُك في مسألةٍ ما ، ما المانعُ مِنْ هذا إذا كانَ هناك احترامٌ متبادلٌ بين الزَّوجينِ ؟؟ فلتكنْ هناك المخالفة ، لا يضرُّ  ذلك شيئاً
*- مِنْ حقِّ المرأةِ عليك أنْ تخرجَها مِنَ النَّارِ إلى الجنَّةِ ، و إنْ كانَ هذا الأمرُ ليسَ بيدِكَ مِنْ حيثُ حقيقته ، و لكنَّه بيدِكَ مِنْ حيثُ الدَّعوة إليه يقولُ الله تباركَ و تعالى :  " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ ... (6) " سورة التحريم ، فأنتَ تكونُ سبباً لإنقاذِها مِنَ النَّارِ بإحسانِكَ إليها.. بتعليمِكَ .. في دعوتِها .. في نُصْحِها ، و غير ذلك مِنَ الأمورِ

* - الله تباركَ و تعالى يقولُ : " الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء.. " أعطاكَ الله القوامةَ قالَ : " ... بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ ... " ثمَّ قالَ : " ... وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ ... (34) " سورة النساء ، فالله تباركَ و تعالى إذاً أوجبَ عليك النَّفقةَ ، أنْ تنفقَ فإنَّ التَّفضيلَ  الذي أعطاكَ الله إياه سبحانه و تعالى أعطاكه جلَّ و علا  لأجلِ ما لكَ مِنَ الصِّفاتِ و أيضاً ما أنفقتَه مِنَ المالِ : " وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ " .
و لذا سُئِلَ النَّبيُّ صلَّى الله عليه و سلَّم عنْ حقِّ المرأةِ فقالَ : " يطعمُها  إذا طَعِمَ ، و يكسوها إذا كَسِي " كما أنه يطعمُها كذلك يكسوها  قالَ : " و لا يضربُ الوَجْهَ " لا يضرب الوجهَ ، مهما غضبتَ مِنْ زوجتِكَ تجنَّبِ الوجهَ ، حتَّى أولادك ، الضَّربُ على الوجهِ  محرَّمٌ لا يجوزُ ، واحد يقولُ : انفعلتُ !! إذا واحد يقولُ : انفعلتُ و زنيتُ   .. انفعلتُ و سرقتُ .. انفعلتُ و قتلتُ ..الخ ، لا يصلحُ ذلك .
و لذلكَ يقولُ صلواتُ ربِّي و سلامُه عليه : " ليسَ الشَّديدُ بالصّرعة - الذي يصرع  النَّاسَ - وإنما الشَّديدُ الذي يملكُ نفسَه عند الغضبِ " هذا هو الشَّديدُ ، فلا يجوزُ للرَّجلِ أبداً أنْ يضربَ وَجْهَ زوجتهِ ، و لو فعلتْ ما فعلتْ ، و لذلك قالَ : " يضربها ضَرْباً غيرَ مُبَرِّحٍ " أي غير مؤلمٍ  و إنما المقصودُ مِنَ الضَّربِ إظهارُ الغضبِ .. إظهارُ عَدَمِ الرِّضا .. إظهارُ الانزعاجِ ، و ليسَ المقصودُ مِنَ الضَّربِ الإيذاء البدني وإنما الإيذاء النَّفسيّ .. التَّأديب .
و لذا جاءَ عنْ بعضِ السَّلَفِ قالَ : ( يضربُها بالسِّوَاكِ ) ، بالسِّوَاك !!  المقصودُ أنْ يظهرَ لها أنه متضايقٌ فيضربُها بالسِّوَاكِ كنايةً عنْ غضبهِ و انزعاجهِ و عَدَمِ رضاه ،
قالَ : " و لا يضرب الوجهَ ، و لا يقبِّح " لا يقبِّح ، أنتِ فيكِ و فيكِ .. الخ ، و أنا أذكرُ مِنَ الطَّرائفِ أحدُهم اتَّصلَ عليَّ قالَ : أريدُ أنْ أطلِّقَ زوجتي . قلتُ : عسى ما شر ؟؟! قالَ : ليستْ جميلةً . قلتُ : زوَّجوكَ إياها بظلمةٍ ؟ يعني رأيتَها مِنْ قبلُ أم لم ترها ؟ قالَ : و الله شايفها  . قلتُ : لمَ رضيتَ ؟ قالَ : استحييتُ . قلتُ : و الآن ؟ قالَ : أريدُ  أنْ أطلِّقها . قلتُ : فقط هذا السَّبب ؟؟ قالَ : فقط هذا السَّبب . قلتُ : أنا أريدُ شيئاً . قالَ : ماذا ؟ قلتُ : أريدُ أنْ أراكَ ، ما أظنُّكَ جميلاً  . قالَ : لا ، لستُ جميلاً ، قلتُ : شايف منظركَ و قاعد تقبِّح وجوه النَّاس ، انظرْ إلى نفسِك .
القصدُ الإنسانُ أحياناً يتصرَّف تصرُّفات سيِّئة جِدّاً في التَّقبيح و الإهانةِ  و التَّحقيرِ .. هذا لا ينبغي أبداً ، لذلك على الإنسانِ حقيقةً أنْ لا يقبِّح  خاصَّة المرأة التي معه .
قالَ : " و لا يقبِّح ، و لا يهجر إلَّا في البيتِ " يعني حتَّى الهجر ،  بعض النَّاسِ يفهمُ الهجرَ فَهْماً خاطئاً !! الله تباركَ و تعالى يقولُ : " ... فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ ... (34) " سورة النساء  ، و ليسَ المقصودُ بالهجرِ أنْ ينامَ في بيتِ أخيهِ أو  بيتِ أمِّه أو أبيه أو يسافر و يتركها ، لا .. الهجرُ في الفراشِ فقط ، لا يهجر إلا في الفراشِ ، يهجرُ و هو في بيتهِ ، لأنَّ الهجرَ كذلك نوعٌ مِنَ العقابِ النَّفسيِّ الذي يُعَاقِبُ به الرَّجلُ امرأته إذا نَشَزَتْ ، فعلينا إذاً أنْ نتَّقيَ الله تباركَ و تعالى في أزواجِنا .
* - و كذلك مِنْ حقِّها كما قالَ النَّبيُّ صلَّى الله عليه و سلَّم لما جاءَ رجلٌ إلى عبد الله بنِ عمرو بنِ العاص قالَ : أريدُ أنْ أجلسَ عندك شهراً ؟ في الشَّام ، في بيتِ المقدس ، قالَ : ماذا تركتَ لأهلِكَ ؟؟ هل تركتَ لهم ما يكفيهم هذا الشَّهر ؟؟ يعني خلال هذ الشَّهر تجلسُ  عندي ، عندهم طعام أو مال يكفيهم هذا الشَّهر ؟؟ قالَ : لا . قالَ : فاني سمعتُ رسولَ الله صلَّى الله عليه و سلَّم يقولُ : " كفي بالمرءِ إثماً أنْ يُضَيِّعَ مَنْ يقوتُ " ، يعني أنتَ مسؤولٌ عنهم تضيِّعهم بحجَّةِ أريدُ أنْ أسافرَ ..  أريدُ أنْ أفرحَ ..  أريدُ أنْ أدرسَ  .. غير صحيح هذا أبداً ، فعليه أنْ يُراعيَ هذا الأمرَ في أهلهِ .
و لما سُئِلَ صلواتُ ربِّي و سلامُه عليه عنْ أناسٍ يضربونَ زوجاتهم فقالَ : " ليسوا أولئك بخيارِكم " ، النَّبيُّ صلَّى الله عليه و سلَّم  تسع زوجات ماتَ عنهنَّ و تزوَّج قبلهنَّ اثنتين ، يعني إحدى عشرةَ امرأةً ما ضربَ واحدةً قط ، و لا ضربَ أنسَ بنَ مالك و هو خادمُه و له عشرُ سنواتٍ ، و لا ضربَ أحداً مِنْ أولادهِ و لا مِنْ أحفادهِ صلوتُ الله و سلامُه عليه ، و لما سُئِلَ عنْ أناسٍ يضربونَ زوجاتهم قال : " ليسوا أولئك بخياركم " ، الرَّجلُ الذي يضربُ المرأةَ ، يعني صحيح الله أذِنَ بهذا و لكنْ أذِنَ به كعلاجٍ ، ثمَّ أذِنَ به بعد علاجاتٍ أخرى ، قالَ : "  ... فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ ... " ، و كذلك نبَّه إلى أنَّ هذا الضَّربِ غير مبرح .. غير مؤلم .. غير مؤذي ، يعني ليسَ الضَّرب الذي يكسرُ عَظْماً أو يخدشُ وجهاً أو غير ذلك مِنَ الأمورِ ، بل لا يجوزُ ضربُ الوجهِ ابتداءً ، و يقولُ صلواتُ ربِّي و سلامُه عليه - و هذه قاعدةٌ مهمَّةٌ و فائدةٌ - يقولُ : " استوصوا بالنِّساءِ خيراً " ، ثمَّ بيَّن ، قالَ : " فإنَّ المرأةَ خُلِقَتْ مِنْ ضلعٍ ، و إنَّ أعوجَ شيءٍ في الضّلعِ أعلاهُ ، فإنْ ذهبتَ تقيمه كسرْته " يعني لا يتعدل ، ليس مرناً .. فيه شيءٌ مَرِنٌ يمكنُ تعديلُه ، قالَ الله : " ... وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ (10) " سورة سبأ ، فيه شيء لا يتعدَّل ، إمَّا يظلُّ أعوج أو يكسر ، قالَ : " فإنْ ذهبتَ تقيمه كسرْته ، و إنْ تركتَه لم يزلْ أعوج ، فاستوصوا بالنِّساءِ خيراً " ، و في روايةٍ أخرى عند مسلم قالَ : "  فإنِ استمتعتَ بها استمتعتَ بها و بها عِوَج ، و إنْ ذهبتَ تقيمها كسرْتها ، و كَسْرُها طلاقُها " ، هذا هو الكسر أنْ تطلِّقها ، أنْ لا تبقى معك .
فالنَّبيُّ صلَّى الله عليه و سلَّم إذاً يُعطينا هذه القاعدةَ و يقولُ عنِ المرأةِ : " ناقصات عقلٍ و دينٍ " فهي في طبيعتِها ، هذا طبعٌ في المرأةِ ، و لذلك يقولُ النَّبيُّ صلَّى الله عليه و سلَّم : " أرِيْتُ النَّارَ فإذا أكثرُ أهلِها النِّساء ، يكفرن " قيلَ : أ يكفرنَ بالله ؟ قالَ :"  يَكْفُرْنَ العشيرَ ، و يكفرن الإحسانَ ، لو أحسنتَ إلى إحداهنَّ الدَّهرَ ثمَّ رأتْ منكَ شيئاً قالتْ : ما رأيتُ منكَ خيراً قطّ " لأنَّ عاطفتَها تغلبُها ، يعني انظروا إلى امرأةِ العزيزِ عندما راودتْ يوسفَ عنْ نفسهِ ، ما راودته إلا و قد بلغَ حبُّه في قلبِها الشَّيءَ العظيمَ ، و لذلك قالتِ النِّساءُ  : " قَدْ شَغَفَهَا حُبّاً "  أي بلغَ سُوَيْدَاءَ القلبِ ، هذه المرأةُ كانتْ تحبُّ يوسفَ كلَّ هذا الحبِّ  لما امتنعَ منها ثمَّ قرَّر الفِرَارَ "  وَاسْتَبَقَا الْبَابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِنْ دُبُرٍ وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ ...  " ماذا قالتِ امرأةُ العزيزِ في هذا الرَّجلِ  الذي تحبُّه و لا ترى دربَها مِنْ حبِّها له ؟ " قَالَتْ مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءًا إِلَّا أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (25)  " سورة يوسف ،  خلالَ لحظةٍ ربما لم تمرّ دقيقة بين شِدَّةِ المحبَّةِ و بين شِدَّةِ البُغْضِ ، انقلابٌ غيرُ طبيعيٍّ !! هنا تقولُ " هَيْتَ لَكَ " و هنا تقولُ " أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ " شيءٌ غيرُ طبيعيٍّ أبداً !! هذا يدلُّ على ماذا ؟ يدلُّ على أنَّ العاطفةَ تتحكَّم فيها ، و لذلك الشَّرْعُ حرَّم على الرَّجلِ أنْ يطلِّقَ امرأته و هي حائض ، و حرَّم عليه أنْ يطلِّقها و هي نفساء ، لماذا ؟  لأنَّ نفسيَّتها في هذا الوقتِ تكونُ تعبانة و قد تسيءُ لزوجِها لضيقِها ، أنتَ الآن أصابتكَ نجاسةٌ في ثوبِكَ تكونُ متضايقاً حتَّى تزيل النَّجاسةَ إمَّا بِغسْلٍ  و إمَّا بِنَزْعٍ .. لا تتحمَّلُ النَّجاسة ، فكيف و هي النَّجاسةُ تنزلُ عليها بدونِ إرادةٍ ؟؟ فتكونُ متضايقةً نفسيّاً ، غير الآلام التي تأتيها مع النِّفاسِ أو مع الحيضِ ، فعادةً  تكونُ متعبةً مرهقةً ، و هذا يأتيها على المزاجِ يتأمَّر .. ودي وجيب وكذا ..!! فقد تبدرُ منها كلمةٌ أو يبدرُ منها تصرُّفٌ سيِّئ ، فالله تباركَ و تعالى حرَّم عليك أنْ تطلِّقها و هي حائضٌ ، و حرَّم عليك أنْ تطلِّقها و هي نفساء ، لمَ ؟ راعى هذه القضيَّة  .
فالنَّبيُّ صلَّى الله عليه و سلَّم لما يقولُ : " فإنَّ المرأةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلْعٍ و إنَّ أعوجَ شيءٍ في الضِّلْعِ أعلاهُ ، فإنْ ذهبتَ تقيمَه كسرْته ، و كَسْرُها طلاقُها " يبيِّن لكَ النَّبيُّ صلَّى الله عليه و سلَّم أنها هي هكذا ، كما قالَ : " كلُّ ابنِ آدمَ خطَّاء  " مستحيل أنْ تجدَ إنساناً معصوماً إلا مَنْ عَصَمَ الله مِنَ الأنبياءِ ، كلُّ ابنِ آدمَ خطَّاء ، فأنتَ تريدُ إنساناً لا يخطيءُ ؟!! و إذا أخطأ أقمتَ الدُّنيا و لم تقعدْها !! لماذا هذا ؟ هكذا خلقَه الله سبحانه و تعالى ، و هكذا خَلَقَ الله المرأةَ فيها عِوَجٌ ، يقولُ : "  فاستمتعوا بهنَّ على عِوَجٍ " انظروا كيف عاملَ النَّبيُّ صلَّى الله عليه و سلَّم العِوَجَ الذي وقعَ مِنْ نسائهِ ؟؟ عاملَه بحكْمَةٍ ، و لذلك قالَ : " كَمُلَ مِنَ الرِّجالِ كثيرٌ و لم يكملْ مِنَ النِّساءِ إلا أربع : مريم بنت عمران ، و آسية امرأة فرعون ، و خديجة بنت خويلد ، و فاطمة بنت محمَّد ، و فَضْلُ عائشةَ على النِّساءِ كَفَضْلِ الثَّريدِ على سائرِ الطَّعامِ "  و إلا في الجملةِ تأتي منهنَّ هذه التَّصرُّفات ، و لكنْ لا بدَّ أنتَ أنْ تكونَ حكيماً ، و لذلك الله تباركَ و تعالى مِنْ رحمتهِ و حِكْمَتِه أنْ جعلَ الطَّلاقَ بِيَدِ الرَّجلِ لا بِيَدِ المرأةِ ، لأنَّ الرَّجلَ يحرِّكه عقلُه بينما المرأةُ تحرِّكها عاطفتُها ، هذا في الغالبِ ، و إلا قد تكونُ بعضُ النِّساءِ أعقلَ  مِنْ كثيرٍ مِنَ الرِّجالِ ، و قد يكونُ بعضُ الرِّجالِ فيه عاطفةٌ أكثر مِنْ كثيرٍ مِنَ النِّساءِ ، و لكنْ في الجملةِ الرِّجالُ عقولُهم تغلبُ عواطفَهم  و النِّساءُ عواطفهنَّ تغلبُ عقولهنَّ .
و لذلك جاءَ في الحديثِ عنِ النَّبيِّ صلَّى الله عليه و سلَّم يحدِّد المسارَ  في هذه القضيَّةِ فقالَ : " لا يَفْرَكُ مؤمنٌ مؤمنةً ...  " أي لا يظلمُ مؤمنٌ مؤمنةً ، قالَ : " لا يَفْرَكُ مؤمنٌ مؤمنةً ، إنْ كَرِهَ منها خُلُقاً رضيَ منها آخر " ، مستحيل تكون هي  شيطان يمشي على الأرضِ ، لا بدَّ أنَّ فيها مِنَ الحسناتِ و فيها مِنَ السَّيِّئاتِ ، و أنتَ كذلك فيكَ مِنَ  الحسناتِ و فيكَ مِنَ السَّيِّئاتِ و فيكَ مِنَ العيوبِ و فيكَ مِنَ المحاسنِ ،   هذا أمرٌ طبيعيٌّ جِدّاً في الإنسانِ ، فأنتَ إذا كرهتَ منها خُلُقاً ترضى  منها آخر ، و لا بدَّ أن " سدِّدوا و قاربوا " ، فهكذا حقيقة يجبُ علينا  أنْ ننظرَ إلى هذه القضيَّةِ ، و أنْ ننظرَ كيف كانَ النَّبيُّ صلَّى الله عليه و سلَّم يتعاملُ مع هذه القضايا و هو بشرٌ كمثلنا " قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ ... (110) " سورة الكهف  ، يغضبُ كما نغضبُ ، و يرضى كما نرضى ، و يحبُّ و يبغضُ صلواتُ الله و سلامُه عليه ، و له زوجاتٌ ، و يتصرَّفنَ تصرُّفاتٍ معيَّنةٍ .. و لذلك مِنْ حِكْمَةِ الله أنْ جعلَ النَّبيَّ صلَّى الله عليه و سلَّم أكثرَ مِنْ زوجةٍ حتَّى ينقل لنا كيف كانَ يتعاملُ ؟؟ كيف كانَ  يديرُ هذه المنظومة و هي إحدى عشرةَ امرأةً صلواتُ الله و سلامُه عليه ؟؟
و نحن امرأة واحدة و أحياناً الإنسانُ يعجزُ عنْ أنْ يُحْسِنَ التَّصَرُّفَ معها ، فأسألُ الله تباركَ و تعالى أنْ يجعلنا مقتدينَ بالنَّبيِّ صلَّى الله عليه و سلَّم ، و أنْ نستفيدَ مِمَّا قلنا ، و الله أعلى و أعلمُ ، و صلَّى الله و سلَّم و باركَ على نبيِّنا محمَّدٍ .

تم تفريغ الدرس بواسطة الأخوات
فاعلة خير و  نازك  و عبق
شبكة المنهج تحت إشراف الشيخ //:
عثمان بن محمَّد الخميس حفظه الله

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire