mardi 5 mars 2013

كتاب الأربعين في مناقب أمهات المؤمنين




كتاب الأربعين في مناقب أمهات المؤمنين
( ابن عساكر )
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله مسهل ما صعب من الأمور الكائنات فاتح فاتحه الفتوح الميسرات المبشر فتحها بتطهير الأرض المقدسة من دنس الكفر والضلالات بطاهر سريرة مالكها ونصر مالك الأرض والسموات المتقدس عن الحدث والنقصان والآفات المستحق لكمال النعوت والصفات المسبح بصنوف اللغات المحمود على جميع الأفعال والحالات أحمده على ترادف نعمة السابغات وترافد مننه السائغات حمدا دائما على ممر الأوقات والساعات
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة منزهة عن الشك والشبهات وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ( 2 ب ) صلى الله عليه وسلم استخرجه من أشرف الأباء والأمهات وابتعثه بالمعجزات البالغات والآيات والحجج الواضحات وختم به النبوة والرسلات وخصه بأفضل النساء والزوجات وشرفه بتحريمهن على المؤمنين بعد الوفاة فأضاء بنور رسالته حنادس الظلم والظلمات وانجلى بشمس مقالته سحاب الكفر والغوايات وأعز دينه بأصحابه وأهله الذين هم لأمته كالنجوم السائرات
فصلى الله عليه وعليهم أفضل الصلوات وعلى أزواجه الطيبات الطاهرات المنزهات عن قول أهل الإفك المبرآت وسلم كثيرا إلى يوم الدين ونشر العظام الباليات
أما بعد فإني لما رأيت جماعة من الأئمة الأجلاء والسادة العلماء رحمهم الله صنفوا كثيرا ( 3 أ ) من الأربعينات في فنون حسان ومعان مختلفات طمعا في الثواب الموعود على ذلك كما شهدت به الأحاديث وورد في الروايات
(1/1)
________________________________________
وذلك فيما أخبرنا به عمي الإمام الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله رحمة الله عليه أناأبو بكر محمد بن عبد الباقي بن محمد الأنصاري ببغداد وأبو محمد طاهر بن سهيل بن بشر بن الإسفرايني بدمشق قالا نا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب البغدادي أخبرنى محمد بن جعفر بن غيلان الشروطي نا سعد بن محمد بن إسحاق الصيرفي نا محمد بن عثمان بن أبي شيبة نا محمد بن حفص الحرامي كوفي نا دحيم الصيداوي نا أبو بكر بن عياش عن عاصم عن زر عن عبدالله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
( من حفظ على أمتي أربعين حديثا ينفعهم الله بها قيل له ادخل من أي أبواب الجنة شئت ) ( 3 ب ) دحيم هو عبد الرحمن من بني الصيدا حي من بني أسد لا من صيدا التي على الساحل كوفي ومحمد الحرامي منسوب إلى أبيه من بني حرام وزر هو ابن حبيش
وقد روي معنى هذا الحديث من وجوه عن عبدالله بن عباس وعن أمير المؤمنين علي وعن أبي الدرداء وعن عبدالله بن عمر ومعاذ بن جبل وأبي هريرة وغيرهم رضي الله عنهم
وفي بعض الروايات
( من حفظ على أمتي حديثا واحدا يقيم به سنة ويرد به بدعة فله الجنة )
وهذه الروايات كلها فيها ما يدل على عظم ثواب نشر السنة وقمع البدعه
وقد أخبرنا بذلك عمي الإمام الحافظ رحمه الله أنا أبو القاسم زاهر بن طاهر بنيسابور أنا الأستاذ أبو القاسم القشيري أنا الحاكم أبو عبد الله الحافظ نا أبو علي الحسين بن محمد الصفاني بمرو أنا أبو رجاء محمد بن حمدوية ( 4 أ ) نا العلاء بن مسلمة نا إسماعيل بن يحيى التميمي عن سفيان الثوري عن ليث عن طاوس عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
( من أدى إلى أمتي حديثا واحدا يقيم به سنة ويرد به بدعة فله الجنة )
(1/2)
________________________________________
وهذا نص قاطع في حصول الثواب بمطلق الأداء دون الحفظ ويحتمل أن يراد بالحفظ ههنا ضبط تلك الأحاديث وتقييدها في الكتب والمواظبة على نقلها وإبلاغها حتى لا تندرس على ممر الأزمان لقوله صلى الله عليه وسلم
( قيدوا العلم بالكتاب )
وهذه الأحاديث وإن كان أئمة الصنعة تكلموا في أسانيدها ولكن فضل الله أعظم من ذلك وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
( من بلغه عن الله تعالى شيء فيه فضيلة فأخذ به إيمانا واحتسابا ورجاء ثوابه آتاه الله ذلك وإن لم يكن كذلك والله أعلم )
4 - ب ) فأحببت أن أكون من جملتهم وأدخل في زمرتهم ابتغاء للثواب الجزيل والأجر الجميل ولما فتح مولانا الملك الناصر صلاح الدنيا والدين سلطان الإسلام والمسلمين محي دولة أمير المؤمنين مدينة حلب حرسها الله ولزمتني المهاجرة إلى بابه الشريف شاكرا لإنعامه السابق العميم ومهنئا بهذا الفتح العظيم رأيت أن أقدم الى خدمته هدية يعم نفعها ويبقى أجرها ولما لم أسمع أن واحدا من العلماء صنف شيئا من مناقب أمهات المؤمنين مفردا ولا رغب لجمعه من الناس أحد أحببت أن يكون في هذه الدولة ذكر مناقبهن عوضا عما مضى من سبهن وآثرت أن أجمع في ذلك مختصرا ( 5 أ ) وإن كان فضلهن سائر مشتهرا وسميته - كتاب الأربعين في مناقب أمهات المؤمنين رضي الله عنهن أجمعين -
وقدمت فيه مقدمة أذكر فيها ما خص به صلى الله عليه وسلم في أمر النكاح وما أبيح له منهن ومقدار عددهن ومن دخل بها ومن طلق منهن ومن ماتت عنده ومن مات عنهن ثم أفرد لكل واحدة ممن وقع إلي في حقها خبر خاص ترجمة على ترتيب تزويجه صلى الله عليه وسلم بهن رضي الله عنهن وأرضاهن راجيا في ذلم حسن المغفرة والثواب والأمن من سوء العذاب وعلى الله أتوكل وبه أستعين وأسأله خير العلم والعمل واليقين إنه ولي المتقين
فصل من خصائصه صلى الله عليه وسلم الزيادة على الأربع ( 5 ب ) إلى التسع
(1/3)
________________________________________
وفيما فوق ذلك قولان أحدهما لا يحل له أكثر من التسع كالأربع في حقنا لأنه مات عنهن ولم يصح أنه زاد عليهن مع مبالغته في باب النكاح
والثاني أنهن في حقه كالسراري في حقنا فله الزيادة من غير حصر تشريفا له وتوسيعا عليه لما رزقه الله من القوة
والقولان جاريان في انحصار طلاقه في الثلاث
وجاز له النكاح من غير ولي ولا شهود على الصحيح لأن الولي يراد لتحصيل الكفاءة ولا كفء أكفأ منه صلى الله عليه وسلم وكذا ينعقد من غير شهود لأن المقصود من الشهود إقامة الحجة عند الجحود وهو لا يجحد وقيل يشترط لتوقع جحود الزوجة النكاح
وأبيح له من غير مهر أيضا وبلفظ الهبة لقوله عز وجل وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي الآية
(1/4)
________________________________________
وأبيح له ترك القسم بين نسائه على أحد الوجهين وكان يقسم عليهن تبرعا وتكرما مكافأة على اختيارهن الله ورسوله دون زينة الحياة الدنيا وقد كان وجب عليه تخييرهن لقوله عز وجل يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا ووجب إرسال من اختارت الحياة الدنيا صونا لمنصبه عن أن يتأذى به أحد وإمساك من اختارته واختارت الله والدار الآخرة لقوله عز وجل لا يحل لك النساء من بعد ولا أن تبدل بهن من أزواج الآيه وقال الشافعي رضي الله عنه نسخت هذه الآية بالآية السابقة في النظم ( 6 أ ) وهي قوله عز وجل يا أيها النبي إنا أحللنا لك أزواجك اللآتي آتيت أجورهن الآية وهذا من عجيب النسخ ولم ينسخ في القرآن على مثال سوى قوله عز وجل والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا الى الحول نسخت بقوله والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا وقال أبو حنيفة رضي الله عنه لم تنسخ آية وجوب الإمساك وتحريم غيرهن وتمسك الشافعي بالحديث أيضا وهو قول عائشة رضي الله عنها ما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أبيح له أن يتزوج من أراد ويطلق من أراد والمعنى في ذلك أن تكون له المنة عليهن بإمسكهن مقابلة لاختيارهن له ولو وجب عليه لما كان فيه له منة وهذا علة من قال بعدم وجوب القسم بينهن ووجب ( 7 أ ) على من له زوجة ورغب في نكاحها أن يطلقها زوجها لقصة زيد
ومن مات عنها حرمت على غيره إكراما له لأن العرب تعتقد ذلك سبة وعارا
(1/5)
________________________________________
وهل تحرم مطلقته صلى الله عليه وسلم فيه ثلاثة أوجه أحدهما تحرم كالمتوفي عنها والثاني لا تحرم لانه زهد فيها وانتهى النكاح نهايته بخلاف الموت فإن أحكام النكاح باقية من وجه ولهذا يجوز نظر المرأة إلى زوجها بعد الموت وتغسله اتفاقا ويغسلها الزوج عند الشافعي رضي الله عنه وقال أبو حنيفة لا يغسلها بل تغسله والثالث وهو الأصح أنه إن بنى بها فلا تحل لغيره وإلا حلت ودليله ما نقل أن عكرمة بن أبي جهل وقيل الأشعث بن قيس تزوج مطلقته فأنكر علبه عمر رضي الله عنه وأراد فسخ نكاحه فقال إنه لم يدخل بها فأقر نكاحه
فصل وأما عددهن ( عدد أزواجه صلى الله عليه وسلم )
وأما عددهن فقد اختلفوا فيه كثيرا والذي صح من غير خلاف أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج إحدى عشرة امرأة كلهن بنى بهن وتزوج غيرهن ولم يدخل بهن وقيل بنى بثلاث عشرة امرأة وتزوج خمس عشرة امرأة وقيل ثمان عشرة واختلفوا في تسميتهن واجتمع عنده إحدى عشرة امرأة واختلفوا في واحدة منهن فقيل ريحانة وقيل أم شريك وقيل إن ريحانة سرية وأم شريك لم يتزوج بها ولا دخل بها وإنما هي من اللآتي وهبن انفسهن والله أعلم بذلك واختلفوا أيضا في تقديم بعضهن على بعض في التزويج بهن أما المتفق على أنه بنى بهن
فالأولى خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزي القرشية وأمها فاطمة بنت زائدة بن جندب
وهي أول امرأة تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم من غير خلاف قبل المبعث بخمس عشرة سنة وكانت بنت أربعين سنة وهوابن خمس وعشرين سنة وكانت قبله تحت أبي هالة هند بن زرارة بن النباش بن عدي أحد بني أسيد بن عمرو بن تميم وقبله عند عتيق بن عابد
(1/6)
________________________________________
وهي أم أولاده كلهم سوى إبراهيم بن ماريه القبطية فولدت له القاسم وبه كان يكنى وعبدالله وهو الطاهر والطيب سمي بذلك لأنه ولد في الإسلام وقيل إن الطاهر والطيب اسمان لابنين وقيل إن اسمهما عبد العزى وعبد مناف وولدت له من النساء زينب ورقية وأم كلثوم وفاطمة صلى الله عليهم أجمعين
توفيت بمكة قبل الهجرة إلى المدينة وقبل فرض الصلاة بخمس وقيل بثلاث سنين وفي السنة التي مات فيها أبو طالب بن عبد المطلب وفي كل ذلك خلاف وكان عمرها وقت ( 8 ب ) وفاتها خمسا وستين سنة وقيل خمسا وخمسين في شهر رمضان سنة عشر من النبوة ولم يجتمع معها أحد من نسائه صلوات الله عليهن وقيل زوجها منه أبوها وقيل عمها عمرو الثانية سودة بنت زمعة
ابن قيس بن عبد شمس بن عبد ود بن نصر بن مالك وأمها الشموس بنت قيس بن زيد بن عمرو من بني النجار
وتزوجها بعد الهجرة وقيل في شوال قبل مهاجره إلى المدينة بعد وفاة خديجة وكانت تحت السكران بن عمرو فأسلم وتوفي عنها
وتوفيت في خلافة معاوية سنة أربع وخمسين بالمدينة
وقيل إنه تزوج عائشة قبل سودة والصحيح أنه تزوجها في شوال إلا أنه لم يدخل بعائشة الى بعد سنتين أو ثلاث فيحتمل أن من قال إن سودة قبل عائشة معناه بين الروايتين الثالثة عائشة ( 9 أ ) بنت أبي بكر الصديق عبدالله ويقال عتيق بن أبي قحافة ( عثمان بن
) عامر بن عمرو بن كعب وأمها أم رومان بنت عامر بن عويمر
هاجرت مع النبي صلى الله عليه وسلم وتزوجها بعد الهجرة وقيل بل في شوال سنة عشر من النبوة قبل مهاجره الى المدينة بسنة ونصف أو نحوها وكانت بكرا ولم ينكح بكرا غيرها ولم تلد له ولا غيرها من الحرائر سوى خديجة بنت خويلد
ونكحها وهي ابنة ست وقيل سبع سنين وبنى بها وهي ابنة تسع سنين وتوفي عنها وهي ابنه ثمان عشرة
(1/7)
________________________________________
توفيت في شهر رمضان ليلة الثلاثاء لسبع عشرة مضت منه وذلك في سنة ثمان وخمسين وصلى عليها أبو هريرة نائب مروان بن الحكم بالمدينة ودفنت بالبقيع بعد ( الوتر من ليلتها )
الرابعة حفصة
بنت عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى ( 9 ب ) بن رياح وأمها زينب بنت مظعون بن حبيب بن وهب
مولدها قبل بعث النبي صلى الله عليه وسلم بخمس سنين كانت تحت خنيس بن حذافة بن قيس بن عدي فتوفي عنها
وتزوجها النبي صلى الله عليه وسلم في شعبان على رأس ثلاثين شهرا ( من الهجرة ) قبل أحد في سنة ثلاث وقيل سنة اثنتين
وتوفيت في شعبان سنة خمس وأربعين في خلافة معاوية وهي ابنه ستين سنة وصلى عليها مروان ودفنت بالبقيع
الخامسة أم سلمة
هند بنت أبي أمية سهيل بن المغيرة بن عبد الله وأمها عاتكة بنت عامر بن ربيعة وكانت قرشية مخزومية وكانت قبله تحت أبي سلمة عبدالله بن عبد الأسد بن هلال فتوفي عنها
وتزوجها النبي صلى الله عليه وسلم في شوال سنة أربع وتوفيت في ذي القعدة سنة تسع وخمسين ( وكان لها يوم ماتت أربع وثمانون ) ( 10 أ ) ) سنة صلى عليها أبو هريرة ودفنت بالبقيع السادسة جويرية
بنت الحارث بن أبي ضرار من خزاعة
كانت تحت مالك بن صفوان وقيل مسافع بن صفوان فقتل يوم المر يسيع
تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن أعتقها وذلك بعد غزوة المر يسيع وكانت ابنة عشرين سنة
وتوفيت وهي ابنة خمس وستين سنة وذلك في شهر ربيع الأول سنة سبع وخمسين في خلافة معاوية وقيل سنة ستين وصلى عليها مروان بن الحكم والي المدينة
السابعة زينب
بنت جحش بن رئاب بن يعمر بن صبرة بن مرة أمها أميمة بنت عبد المطلب بن هاشم وكانت تحت زيد بن حارثة بن شرحبيل
(1/8)
________________________________________
تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم في ذي القعدة ( سنة خمس من الهجرة ) وهي يومئذ بنت خمس وثلاثين سنة ( وتوفيت ) وهي ابنة ثلاث وخمسين سنة ( 10 ب ) ودفنت بالبقيع وصلى عليها عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهي أول أزواجه موتا ( أي بعده صلى الله عليه وسلم )
الثامنة زينب
بنت خزيمة بن الحارث بن عبدالله بن عمرو بن عبد مناف
وهي أم المساكين كانت تسمى بذلك في الجاهلية وكانت تحت الطفيل بن الحارث بن عبدالمطلب بن عبد مناف فطلقها وتزوج بها عبيدة بن الحارث وقتل يوم بدر شهيدا
وتزوج بها النبي صلى الله عليه وسلم على رأس أحد وثلاثين شهرا من الهجرة فمكثت عنده ثمانية أشهر وتوفيت في آخر ربيع الآخر على رأس تسع وثلاثين شهرا من الهجرة وصلى عليها النبي صلى الله عليه وسلم ودفنت بالبقيع وكان سنها يوم توفيت نحو ثلاثين سنة كذا ذكره ابن سعد كاتب الواقدي
التاسعة أم حبيبة
رملة بنت سفيان صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس وأمها صفية بنت أبي العاص بن أمية
كانت تحت عبيد الله بن جحش ( 11 أ ) بن رئاب توفي بأرض الحبشة بعد أن ارتد
وتزوجهاالنبي صلى الله عليه وسلم سنة سبع من الهجرة وهي التي أصدقها النجاشي عنه صلى الله عليه وسلم وكان لها يوم قدم بها المدينة بضع وثلاثون سنة
وتوفيت في سنة أربع وأربعين في خلافة أخيها معاوية
العاشرة صفية
بنت حيي بن أخطب من ولد هارون النبي صلى الله عليه وسلم وأمها برة بنت سمؤل أخت رفاعة
كانت تحت سلام بن مشكم الرقظي ثم خلف عليها كنانة بن الربيع بن أبي الحقيق
سباها النبي صلى الله عليه وسلم من خيبر وكانت عروسا وأعتقها وتزوجها بعد مرجعه من خيبر وكان يقسم لها ولجويرية بنت الحارث وكان سنها وقت سباها نحو سبع عشرة سنة
وتوفيت سنة اثنتين وخمسين من الهجرة في خلافة معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه ودفنت بالبقيع وقيل سنة خمسين
الحادية عشرة ميمونة
(1/9)
________________________________________
وقيل برة بنت الحارث ( 11 ب ) بن حزن بن بجير بن الهزم وأمها هند بنت عوف بن زهير
وكانت تحت مسعود بن عمرو بن عبد نائل الثقفي في الجاهلية وفارقها ثم خلف عليها أبو رهم بن عبد العزي بن أبي قيس بن عبد ود فتوفي عنها فتزوجها النبي صلى الله عليه وسلم
وهي آخر نسائه تزويجا وموتا وقيل إنها ماتت قبل عائشة رضي الله عنها ورد ذلك في حديث صحيح عن عائشة وهي خالة عبد الله بن عباس ونكحها رسول الله صلى الله عليه وسلم سنة سبع سنة عمرة القضاء
وتوفيت في سنة إحدى وستين في خلافة يزيد بن معاوية كذا ذكره ابن سعد وكان عمرها نحو ثمانين سنة أو إحدى وثمانين ودفنت بسرف في القبة التي بنى بها فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم كما أخبر بذلك وقيل ماتت بمكة ونقلت اليها وهي من اللاتي وهبن أنفسهن لرسول الله صلىالله عليه وسلم
12 - أ ) ومات رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تسع من هؤلاء وهن سودة وعائشة وحفصة وأم سلمة وجويرية وزينب بنت جحش وأم حبيبة وصفية وميمونة وكل واحدة من هؤلاء اتفق النقلة على أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوجها وبنى بها واتفقوا على أنه مات عن التسع المذكورات واختلفوا في التقديم والتأخير وذلك اختلاف لا يضر واجتمع عنده جميع المذكورات سوى خديجة فإنها ماتت ولم يتزوج معها غيرها وزاد بعضهم إنه اجتمع عنده إحدى عشرة امرأة فقال بعضهم هي أم شريك بنت جابر وريجانة بنت زيد بن عمرو وقيل إنها لم تزل سرية وهوالصحيح
ذكر ما وقع إلى مما ورد في مناقب أم المؤمنين خديجة أم هند تكنى بولد كان لها
الحديث الأول
أخبرنا أستاذي الإمام قطب الدين حجة الإسلام إمام الحرمين أبو المعالي مسعود ( 12 ب ) بن محمد بن مسعود النيسابوري رحمه الله في جمادي الأولى سنة سبع وسبعين وخمس مئة أنا الشيخ الفقيه أبو محمد عبد الجبار بن محمد بن أحمد البيهقي أنا أبو بكر أحمد بن الحسين بن علي بن موسى البيهقي الحافظ
(1/10)
________________________________________
وأخبرنا عمي الإمام العالم الحافظ الثقة ثقة الدين صدر الحفاظ محدث الشام أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله الشافعي قدس الله روحه أنا الفقيه الإمام أبو عبد الله محمد بن الفضل الفراوي الصاعدي النيسابوري أنا أبو بكر البيهقي أنا أبو عبد الله الحافظ نا أبو العباس محمد بن يعقوب نا أحمد بن عبد الجبار نا يونس بن بكير عن ابن إسحاق حدثني يحيى بن أبي الأشعث الكندي منأهل الكوفة حدثني اسماعيل بن إياس بن عفيف عن أبيه عن جده عفيف أنه قال
كنت امرأ تاجرا فقدمت مني أيام الحج وكان العباس بن عبد الطلب امرأ تاجرا فأتيته ابتاع منه ( 13 أ ) وأبيعه قال فبينا نحن إذ خرج رجل من خباء يصلي فقام تجاه الكعبة ثم خرجت امرأة فقامت تصلي وخرج غلام فقام يصلي معه فقلت يا عباس ماهذا الدين إن هذا الدين ما ندري ما هو فقال هذا محمد بن عبد الله يزعم أن الله ( تبارك وتعالى ) أرسله وأن كنوز كسرى وقيصر ستفتح عليه وهذه امرأته خديجة بنت خويلد أمنت به وهذا الغلام ابن عمه علي بن أبي طالب آمن به
قال عفيف وليتني كنت آمنت به يومئذ فكنت أكون ثانيا
هذا حديث صحيح من حديث إسماعيل بن إياس بن عفيف عن أبيه إياس عن جده عفيف الكندي أسلم بعد ذلك وحسن إسلامه
وقوله ثانيا يعني ثاني الرجال
تابعه إبراهيم بن سعيد عن محمد بن إسحاق وقال في الحديث
إذ خرج رجل من خباء قريب منه فنظر إلى السماء فلما رآها قد مالت يعني الشمس قام يصلي ثم ذكر قيام خديجة خلفه
وقد صح أنها أول من آمن به صلى الله عليه وسلم وقيل هي أول من آمن من النساء
( 13 ب ) وأبو بكر من الرجال وعلي من الصبيان جمعا بين الروايات
وقد روي عن محمد بن إسحاق من قوله مرسلا إنها أول من آمن
ولاشك أنه لا يقوله إلا عن رواية نقلت إليه وذلك فيما أخبرنا عمي المذكور وأستاذي المسمى بالإسناد المقدم عن محمد بن إسحاق قال
وكانت خديجة أول من آمن بالله ورسوله صلى الله عليه وسلم وصدق بما جاء به قال
(1/11)
________________________________________
ثم إن جبريل عليه السلام أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين افترضت عليه فهمز له بعقبه في ناحية الوادي فانفجرت له عين ماء مزن فتوضأ جبريل ومحمدا عليها السلام ثم صلى ركعتين وسجد أربع سجدات ثم رجع النبي صلى الله عليه وسلم وقد أقر الله عينه وطابت نفسه وجاءه ما يحب من الله فأخذ بيد خديجة حتى أتى بها العين فتوضأ كما توضأ جبريل ثم ركع ركعتين وأربع سجدات هو وخديجة ثم كان هو وخديجة يصليان سرا ( 14 أ ) هكذا ذكره ابن إسحاق وقال حين افترضت يعني الصلاة
ولا شك أن هذا حين فرضت الصلاة ابتداء قبل مهاجره إلى المدينة ثم زيدت وإلا فخديجة ماتت قبل أن تفرض الصلاة بخمس سنين يعني الصلاة الخمس ليلة الإسراء ليكون جمعا بين الحديثين والله أعلم
الحديث الثاني
قرأت على عمي الإمام العالم الصائن أبي الحسين هبة الله بن الحسن الشافعي رضي الله عنه في سنة ثلاث وستين ( وخمس مئة ) وأخبرنا عمي الحافظ رحمه الله أيضا قالا أنا الشريف النسيب أبو القاسم علي بن أبي الحسين بن أبي الحسن الحسيني في سنة سبع وخمس مئة قال قرأت على والدي قلت له أخبركم أبو عبدالله الحسين بن عبدالله بن محمد بن أبي كامل الأطرابلسي إجازة أنا خثيمة بن سليمان بن حيدرة القرشي نا إسحاق الدبري عن عبد الرزاق عن معمر وابن جريج عن هشام بن عروة ( 14 ب ) عن أبيه عن عبدالله بن جعفر أن علي بن أبي طالب عليه السلام قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول
خير نسائها مريم ( بنت عمران ) وخير نسائها خديجة بنت خويلد عليهما السلام هذا حديث صحيح من حديث أبي جعفر عبد الله بن أبي عبد الله جعفر الطيار عن عمه أمير المؤمنين أبي الحسن على بن أبي طالب رضي الله عنهما
وصحيح من رواية أبي المنذر هشام بن عروة أبي عبد الله بن الزبير بن العوام
(1/12)
________________________________________
اتفق الأئمة على إخراجه في الصحيح فرواه البخاري عن محمد وصدقه عن عبده ورواه مسلم عن إسحاق بن إبراهيم عن عبده بن سليمان الكلابي عن هشام بن عروة وأخرجه رزين في مجموع الصحاح
وقوله ( خير نسائها ) يعني ( نساء السماء والأرض )
الحديث الثالث
أخبرنا أستاذي الإمام قطب الدين حجة الإسلام أبو المعالي مسعود بن محمد بن مسعود أنا الشيخ أبو محمد عبد الجبار البهيق أنا أبو بكر الحافظ البهيقي أنا أبو عبدالله الحافظ ( 15 أ ) وأبو سعيد بن أبي عمر وقالا نا أبو العباس محمد بن يعقوب نا أحمد بن عبدالجبار نا يونس بن بكير عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت
ما غرت على امرأة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ما غرت على خديجة مما كنت أسمع من ذكره لها وما تزوجني إلا بعد موتها بثلاث سنين ولقد أمره ربه أن يبشرها ببيت في الجنة من قصب لانصب فيه ولا صخب
هذا حديث صحيح من حديث أبي المنذر هشام بن عروة ويقال أبوعبيد الله هشام بن أبي عبدالله عروة بن الزبير بن العوام القرشي من علماء التابعين وأثبات المحدثين رأى عبدالله بن عمر وجابر بن عبد الله وزاد البخاري في صحيحه
أنه كان يذبح الشاة ويهدي منها لصدائق خديجة
ورواه مسلم أيضا في صحيحه من أوجه عن هشام
وفيه من الفوائد إخبارها بالمغفرة لها وأنها من أهل الجنة وفيه دلالة على أن العبد قد يعلم موضعه من الجنة ( 51 ب ) إذا كان ذلك بشهادة نبي كما أخبر أن أبا بكر صديق وعمر وعثمان وعليا شهداء وكذلك شهد لهم بالجنة ولغيرهم من الصحابة وأما غير النبي صلى الله عليه وسلم فلا يجوز له أن يقطع لأحد بجنة أو نار سواء كان مطيعا أو عاصيا وأما إذا وعد النبي صلى الله عليه وسلم على عمل دخول الجنة والمغفرةفعمل عامل ذلك العمل فلا نقطع له بالموعود لأنا لا نعرف قبول عمله نعوذ بالله من الحرمان والله أعلم
الحديث الرابع
(1/13)
________________________________________
وبالإسناد قال البيهقي أنا أبو عبدالله الحافظ نا عبدالله محمد بن يعقوب حدثني أبي حدثني قتيبة بن سعيد نا محمد بن فضل عن عمارة عن أبي زرعة قال سمعت أبا هريرة رضي الله عنه قال
أتى جبريل النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله هذه خديجة أتتك معها إناء فيه إدام طعام أو وشراب فإذا هي أتتك فاقرأ عليها السلام من ربها ومني وبشرها ببيت ( 16 أ ) في الجنة من قصب لاصخب فيه ولا نصب
هذا حديث صحيح متفق على صحته من حديث أبي هريرة وقد اختلف في اسمه واسم أبيه قيل عبد الرحمن بن صخر وهو الأصح وقيل ابن غنم وقيل اسمه عبد شمس وقيل عامر بن عبد شمس الدوسي كان من أحفظ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان من أهل الصفة ودعا له النبي صلى الله عليه وسلم بالحفظ وقال ( اللهم حببه وأمه إلى عبادك المؤمنين ) روى عنه العدد الكثير كأبي سلمة الزهري وأبي زرعة
أخرجه البخاري في صحيحه عن قتيبة بن سعيد كما سقناه ورواه مسلم عن ابن أبي شيبة عن محمد بن فضيل
وأما قوله من قصب القصب في هذا الحديث اللؤلؤ المجوف واسع كالقصر المنيف وكل عظم أجوف فيه مخ فهو قصبة هكذا قاله أهل اللغة وقال شريك بن عبدالله في تفسير هذا الحديث ( 16 ب ) إنه من ذهب فيحتمل أنه أراد أنه بناء مجوغ من الذهب كالقصر
وقوله لا صخب وقد روى بالسين أيضا ولا نصب الصخب بالسين والصاد اختلاط الأصوات وارتفاعها وقيل ليس فيه ما يؤذي ساكنه والنصب التعب أي لا يلحقها تعب فيه
وهذا لا يقوله إلا عن النبي صلى الله عليه وسلم لأنه إخبار جبريل ولا يعلمه إلا من جهة النبي صلى الله عليه وسلم وهذا كحديث عائشة رضي الله عنها في بدء الوحي
الحديث الخامس
(1/14)
________________________________________
أخبرنما عمي الإمام الحافظ أبو القاسم رحمه الله أنا الشريف النسيب أبوالقاسم علي بن إبراهيم الحسيني قال قرأت على والدي قلت له أخبركم أبو عبدالله الحسين إجازة أنا خثيمة بن سليمان القرشي نا أحمد بن سليمان الصوري نا سليمان بن سلمه الخبايري نا يعقوب بن الجهم بن سوار عن عمرو بن جرير عن عبد العزيز بن صهيب عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
17 - أ ) أخبرني جبريل عن الله تبارك وتعالى إن الله يقول لا يتم نكاح إلا بولي وشاهدين وأنا خير ولي خديجة )
هذا حديث غريب جدا من حديث أبي حمزة أنس بن مالك بن النضر بن ضمضم الخزرجي الأنصاري من بني النجار خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم أهدته أمه أم سليم له حين قدم المدينة وخدمه عشر سنين إلى حين وفاته صلى الله عليه وسلم ودعا له بكثرة الولد والمال قيل إنه رزق من صلبه دون ولد ولده ما نيف عن المئة وعشرين وقيل دفن مئة وعشرين من ولده وولد ولده دون من عاش له وكان شجرة يحمل في السنةمرتين وعمر قريب مئة وستين سنة وفي هذا كله خلاف وكان آخر الصحابة موتا بالبصرة ولم يبقى بعده من يعد من الصحابة إلا نفر يسير مات سنة تسعين وقيل إحدى وقيل ثلاث وقبره بالبصرة معروف
ولا يعرف هذا الحديث عنه إلا من هذا الوجه ( 17 ب ) والصحيح أن خديجة زوجها وليها كما تقدم والتي زوجت بغير ولي هي زينب بنت جحش على ماسيأتي إن شاء الله تعالى
الحديث السادس
أخبرنا عمي الإمام الحافظ أبو القاسم أنا الفقيه أبو الحسن علي بن المسلم الفرضي أنا أبو الحسن أحمد بن عبدالواحد بن محمد بن أحمد السلمي أنا جدي أبو بكر أنا أبو الدحداح أحمد بن محمد بن إسماعيل التميمي نا عبد الوهاب بن عبدالرحيم الأشجعي من قرية جوبر نا مروان بن معاوية الفزازي عن وائل بن داود عن عبدالله البهي قال قالت عائشة رضي الله عنها
(1/15)
________________________________________
( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ذكر خديجة لم يكد يسأم من ثناء عليها واستغفار فذكرها ذات يوم فاحتملتني الغيرة فقلت لقد عوضك الله كبيرة السن قالت فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم غضب غضبا أسقطت في جلدي وقلت في نفسي اللهم إنك إن أذهبت ( 18 ) غضب رسول الله صلى الله عليه وسلم عني لم أعد أذكرها بسوء ما بقيت فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم ما لقيت قال ( كيف قلت والله لقد آمنت بي إذ كفر بي الناس وأوتني إذ رفضني الناس وصدقتني إذ كذبني الناس ورزقت مني الولد إذ حرمتموه ) قالت فغدا علي بها وراح شهرا
هذا حديث غريب من حديث عبدالله البهي عن أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنها لا يعلم رواه عنه غير وائل بن داود الليثي الكوفي رضي الله عنه والله أعلم
الحديث السابع
أخبرنا عمي الحافظ أنا أبو عبدالله الفراوي أنا أبو الحسين عبدالغفار بن محمد الفارسي أنا أبو أحمد الجلودي أنا إبراهيم بن سفيان نا مسلم بن الحجاج نا سهل بن عثمان نا حفص بن غياث عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت
( ما غرت على نساء النبي صلى الله عليه وسلم إلا على خديجة ( 18 ب ) وإني لم أدركها قالت وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ذبح الشاه فيقول أرسلوا بها الى أصدقاء خديجة قالت فأغضبته يوما فقلت خديجة فقال إني رزقت حبها )
هكذا رواه مسلم في صحيحه وحفص أبو عمر بن غياث بن طلق بن معاوية بن الحارث كوفي قاضيها أخرج البخاري حديثه في الصحيح والله أعلم
هذا ما وقع إلى في فضلها مسندا وقد روى ابن رزين في مجموع الصحاح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال
( كمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء إلا أربع مريم بنت عمران وآسية امرأة فرعون وخديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد وفضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام )
(1/16)
________________________________________
ولا خفاء بمساعدتها النبي صلى الله عليه وسلم وتثبيتها له عندما بدأ الوحي إليه وشفقتها عليه فصلى الله عليه ورضي عنها
ذكر ما ورد في مناقب أم المؤمنين عائشة الصديقة رضي الله عنها
هي عائشة أم عبدالله بنت أبي بكر الصديق كناها بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم
الحديث الثامن
أخبرنا عمي الإمام الحافظ أناأبو عبدالله الفراوي وأخبرنا أستاذي الإمام أبو المعالي مسعود أنا أبو محمد بن عبدالجبار قالا أنا أبو بكر أحمد بن الحسين البهيقي أنا أبو عبدالله الحافظ وأبو سعيد بن أبي عمرو قالا نا أبو العباس محمد بن يعقوب نا أحمد بن عبد الجبار نا يونس عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
( أريتك في المنام مرتين أرى أن رجلا يحملك في سرقة حرير فيقول هذه امرأتك فاكشف فأراك فأقول أن كان هذا من عند الله يمضه )
اتفق الأئمة على صحته فرواه أبو عبدالله محمد بن إسماعيل البخاري ( 19 ب ) في صحيحه عن معلي عن وهيب بمعناه ورواه مسلم من حديث هشام أيضا
وقوله سرقة حرير بفتح الراء وهي الشقة ويمضه يتممه والله أعلم ومنام النبي صلى الله عليه وسلم بمنزلة الوحي
وقد روى مرسلا وأتم متنا من هذا وذلك فيما
أخبرنا عمي الإمام الحافظ رحمه الله قال قرأت علي بن أبي غالب بن البنا عن أبي محمد الحسن الجوهري أنا أبو عمر ومحمد بن العباس بن محمد بن زكريا بن حيوية أنا أبو الحسن أحمد بن معروف بن بشر الخشاب نا الحسين بن الفهم أنا أبو عبدالله محمد بن سعد كاتب الواقدي أنا محمد بن عمرو ونا عبد الواحد بن ميمون مولى عروة عن حبيب مولى عروة قال
(1/17)
________________________________________
( لما ماتت خديجة حزن عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم حزنا شديدا فبعث الله جبريل فأتاه بعائشة في مهد فقال يا رسول الله هذه تذهب ببعض حزنك وإن في هذه ( 20 أ ) خلفا من خديجة ثم ردها فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يختلف إلى بيت أبي بكر ويقول يا أم رومان استوصي بعائشة خيرا واحفظيني فيها فكان لعائشة بذلك منزلة عند أهلها لا يشعرون بأمر الله فيها فأتاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما في بعض ما كان يأتيهم وكان لايخطئه يوم واحد أن يأتي إلى بيت أبي بكر منذ أسلم إلى أن هاجر فيجد عائشة متسترة بباب دار أبي بكر تبكي بكاء حزينا فسألها فشكت إليه أمها وذكرت أنها تولع بها فدمعت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ودخل على أم رومان فقال يا أم رومان ألم أوصيك بعائشة أن تحفظيني فيها فقالت يا رسول الله إنها بلغت الصديق عنا فأغضبته علينا فقال
النبي صلى الله عليه وسلم وإن فعلت قالت أم رومان لاجرم لا سؤتها أبدا وكانت عائشة ولدت السنة الرابعة ( 20 ب ) من النبوة في أولها ) )
هذا حديث مرسل من حديث حبيب مولى عروة بن الزبير رواه إبن سعد عنه في طبقاته ولا يقول هذا والله أعلم إلا عن إخبار عن النبي صلى الله عليه وسلم لأنه لم يكن حاضرا وقت تزويج عائشة فكيف قبله ولأن فيه إخبارا عن جبريل وذلك لا اطلاع له ولا لغيره عليه سوى النبي صلى الله عليه وسلم وهذا قبل نزول آيه الحجاب لأنها نزلت بعد مهاجره إلى المدينة لما أشار عليه أميرالمؤمنين عمر بن الخطاب عليه بذلك والله أعلم
الحديث التاسع
حديث الإفك
أخبرنا عمي الإمام الحافظ أبو القاسم رحمه الله أنا أبو عبدالله محمد بن الفضل الفراوي أنا الشيخ أبو الحسين عبدالغافر بن محمد الفارسي أنا أبو أحمد محمد بن عيسى الجلودي ( 21 أ ) أنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن سفيان نا أبو الحسين مسلم بن الحجاج نا حبان بن موسى أنا عبدالله بن المبارك أنا يونس بن يزيد الأيلي
(1/18)
________________________________________
ح وحدثناإسحاق بن إبراهيم الحنظلي ومحمد بن رافع وعبد بن حميد قال ابن رافع نا وقال الآخران أنا عبدالرزاق أنا معمر والسياق لحديث معمر من رواية عبد وابن رافع قال يونس ومعمر جميعا عن الزهري أخبرني سعيد بن المسيب وعروة بن الزبير وعلقمة بن وقاص وعبيد الله بن عبدالله بن عتبة بن مسعود عن حديث عائشة زوج النبي صلى الله عليها وسلم حين قال فيها أهل الإفك ما قالوا فبرأها الله وكلهم حدثني طائفة من حديثها وبعضهم كان أوعى لحديثها من بعض وأثبت اقتصاصا وقد وعيت عن كل واحد منهم الحديث الذي حدثني ( 21 ب ) وبعض حديثهم يصدق بعضا ذكروا
(1/19)
________________________________________
( أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يخرج سفرا أقرع بين نسائه فأيتهن خرج سهمها خرج بها رسول الله صلى الله عليه وسلم معه قالت عائشة رضي الله عنها فأقرع بيننا في غزوة غزاها فخرج فيها سهمي فخرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وذلك بعدما أنزل الحجاب فأنا أحمل في هودجي وأنزل فيه مسيرنا حتى إذا فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوة وقفل ودنونا من المدينة آذن ليلة بالرحيل فقمت حين آذنوا بالرحيل فمشيت حتى جاوزت الجيش فلما قضيت من شأني أقبلت إلى الرحيل فلمست صدري ( 22 أ ) فإذا عقدي من جزع ظفار قد انقطع فرجعت فالتمست عقدي فحبسني ابتغاؤه وأقبل الرهط كانوا يرحلون بي فحملوا هودجي فرحلوه على بعيري الذي كنت أركب وهم يحسبون أني فيه قالت وكانت النساء إذ ذاك خفافا لم يهبلن ولم يغشهن اللحم إنما يأكلن العلقة من الطعام ولم يستنكر القوم ثقل الهودج حين رحلوه ورفعوه وكنت جارية حديثة السن فبعثوا الجمل وساروا ووجدت عقدي بعدما استمر الجيش فجئت منازلهم وليس بها داع ولا مجيب فتيممت منزلي الذي كنت فيه وظننت أن القوم سيفقدوني فيرجعون إلى فبينا أنا جالسة في منزلي غلبتني عيني فنمت وكان صفوان بن المعطل السلمي ثم الذكواني قد عرس من وراء الجيش ( 22 ب ) فأدلج فأصبح عند منزلي فرأى سواد إنسان نائم فأتاني فعرفني حين رآني وقد كان يراني قبل أن يضرب الحجاب ( علي ) فاستيقظت باسترجاعه حين عرفني فخمرت وجهي بجلبابي والله ما يكلمني كلمة ولا سمعت منه كلمة غير استرجاعه حتى أناخ راحلته فوطيء على يدها فركبتها فأنطلق يقود بي الراحلة حتى أتينا الجيش بعدما نزلوا موغرين في نحر الظهيرة فهلك من هلك في شأني وكان الذي تولى كبره عبدالله بن أبي ابن سلول فقدمنا المدينة فاشتكيت حين قدمنا المدينة شهرا والناس يفيضون في قول أهل الإفك ولا أشعر بشيء من ذلك وهو يريبني في وجعي ( 23 أ )
(1/20)
________________________________________
أني لا أعرف من رسول الله صلى الله عليه وسلم اللطف الذي كنت أرى منه حين أشتكي إنما يدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فيسلم ثم يقول كيف تيكم فذاك يريبني ولا أشعر بالشر حتى خرجت بعدما نقهت وخرجت معي أم مسطح قبل المناصع وهو متبرزنا ولا نخرج إلا ليلا إلى ليل وذاك قبل أن نتخذ الكنف قريبا من بيوتنا وأمرنا أمر العرب الأول في التنزه وكنا نتأذى بالكنف أن نتخذها عند بيوتنا فانطلقت أنا وأم مسطح وهي بنت أبي رهم بن المطلب بن مناف وأمها ابنة صخر بن عامر خاله أبي بكر الصديق وابنها مسطح بن أثاثة بن عباد ( بن المطلب ) فأقبلت أنا وبنت أبي رهم قبل بيتي حين فرغنا من شأننا ( 23 ب ) فعثرت أم مسطح في مرطها فقالت تعس مسطح فقلت لها بئس ما قلت أتسبين رجلا شهد بدرا قالت أي هنتاه أولم تسمعي ما قال قلت وماذا قال قالت فأخبرتني بقول أهل الإفك فازددت مرضا إلى مرضي فلما رجعت إلى بيتي دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال كيف تيكم قلت أتأذن لي أن أتي أبوي قالت وأنا حينئذ أريد أن أتيقن الخبر من قبلهما فأذن لي رسول الله صلى الله عليه وسلم فجئت أبوي فقلت لأمي يا أماه ما يتحدث الناس قالت يا بنية هوني عليك فوالله لقلما كانت امرأة قط وضيئة عند رجل يحبها ولها ضرائر إلا كثرن عليها قالت قلت سبحان الله وقد تحدث الناس
(1/21)
________________________________________
( 24 أ ) بهذا فبكيت تلك الليلة حتى أصبحت لا يرقأ لي دمع ولاأكتحل بنوم ثم أصبحت أبكي ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب وأسامة بن زيد حين استلبث الوحي يستشيرهما في فراق أهله قالت فأما أسامة بن زيد فأشار على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالذي يعلمه من براءة أهله وبالذي يعلم في نفسه لهم من الود فقال يا رسول الله هم أهلك ولا نعلم إلا خيرا وأما علي بن أبي طالب فقال لم يضيق الله عليك والنساء سواها كثر وإن تسأل الجارية تصدقك قال فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بريرة فقال أي بريرة هل رأيت من شيء يريبك من عائشة قالت له بريرة والذي بعثك بالحق إن رأيت عليها أمرا قط أغمضه عليها أكثر من أنها ( 24 ب ) جارية حديثة السن تنام عن عجين أهلها فتأتي الداجن فتأكله قالت فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر فاستعذر من عبدالله بن أبي سلول قالت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر يا معشر المسلمين من يعذرني من رجل قد بلغ أذاه في أهل بيتي فوالله ما علمت على أهلي إلا خيرا ولقد ذكروا رجلا ما علمت عليه إلا خيرا وما كان يدخل على أهلي إلا معي فقام سعد بن معاذ الأنصاري فقال أنا أعذرك منه يا رسول الله إن كان من الأوس ضربنا عنقه وإن كان من إخواننا الخزرج أمرتنا ففعلنا أمرك قالت فقام سعد بن عبادة وهو سيد الخزرج وكان رجلا صالحا ولكن اجتهلته الحمية فقال لسعد بن معاذ ( كذبت ) لعمر الله لا تقتله ولا تقدر على قتله فقام أسيد بن حضير وهو ابن عم سعد بن معاذ فقال لسعد ( 25 أ ) بن عبادة كذبت لعمر الله لنقتله فإنك منافق تجادل عن المنافقين فثار الحيان الأوس والخزرج حتى همو أن يقتتلوا ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم على المنبر فلم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم يخفضهم حتى سكتوا وسكت قالت فبكيت يومي ذلك لا يرقأ لي دمع ولا أكتحل بنوم ( ثم بكيت ليلتي المقبلة لا يرقأ لي دمع ولا أكتحل
(1/22)
________________________________________
بنوم ) وأبواي يظنان أن البكاء فالق كبدي فبيناهما جالسان عندي وأنا أبكي استأذنت على امرأة من الأنصار فأذنت لها فجلست تبكي قالت فبينا نحن على ذلك دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلم ثم جلس قالت ولم يجلس عندي منذ قيل في ما قيل ولقد لبث شهرا لا يوحى إليه في شأني بشيء قالت فتشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم حين جلس ثم قال أما بعد يا عائشة فإنه بلغني عنك كذا وكذا فإن كنت بريئة
( 25 ب ) فسيبرئك الله وإن كنت ألممت بذنب فاستغفري الله وتوبي إليه فإن العبد إذا اعترف بذنب ثم تاب تاب الله عليه قالت فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم مقالته قلص دمعي حتى ما أحس منه قطرة فقلت لأبي أجب ( عني ) رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما قال فقال والله ما أدري ما أقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت لأمي أجيبي عني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت مالله ما أدري ما أقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت وأنا جارية حديثة السن لا أقرأ كثيرا من القرآن إني والله لقد عرفت أنكم سمعتم بهذا حتى استقر في أنفسكم وصدقتم به فإن قلت لكم إني بريئة والله يعلم أني بريئة لا تصدقوني بذلك ولئن اعترفت لكم بأمر والله يعلم أني بريئة لتصدقوني ( 26 أ ) وإني والله ما أجد لي ولكم مثلا إلا كما قال يوسف فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون قالت ثم تحولت فاضجعت على فراشي قالت وأنا والله حينئذ أعلم أني بريئة وأن الله مبرئي ببراءة ولكن والله ما كنت أظن أن ينزل في شأني وحي يتلى ولشأني كان أحقر في نفسي من أن يتكلم الله في بوحي يتلى ولكن كنت أرجو أن يرى رسول الله صلى الله عليه وسلم في النوم رؤيا يبرئني الله بها قالت فوالله مارام رسول الله صلى الله عليه وسلم مجلسه ولا خرج من أهل البيت أحد حتى أنزل الله على نبيه فأخذه ما كان يأخذه من البرحاء عند الوحي جتى إنه ليتحدر منه مثل الجمان من العرق في اليوم الشات من ثقل القول
(1/23)
________________________________________
الذي أنزل عليه قالت فلما سرى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهويضحك فكان أول ( 26 ب ) كلمة تكلم بها أن قال أبشري يا عائشة أما الله فقد برأك فقالت أمي قومي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت والله لا أقوم إليه ولا أحمد إلا الله هو الذي أنزل براءتي قالت فأنزل الله إن الذين جاؤوا بالإفك عصبة منكم عشر آيات فأنزل الله في هذه الآيات براءتي قالت فقال أبوبكر وكان ينفق على مسطح لقرآبته منه وفقره والله لا أنفق عليه شيئا أبدا بعد الذي قال في عائشة فأنزل الله تعالى ولا يأتل أولوا الفضل منكم إلى قوله ألا تحبون أن يغفر الله لكم
قال حبان بن موسى قال عبدالله بن المبارك هذه أرجى آية في كتاب الله فقال أبوبكر إني لأحب أن يغفر الله لي فرجع إلى مسطح النفقة التي كان ينفق عليه وقال لا أنزعها منه أبدا
قالت عائشة وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم سأل ( 27 أ ) زينب بنت جحش زوج النبي صلى الله عليه وسلم عن أمري قال ما علمت أوما رأيت فقالت يا رسول الله أحمي سمعي وبصري والله ما علمت إلا خيرا قالت عائشة وهي التي كانت تساميني من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم فعصمها الله بالورع وطفقت أختها حمنة بنت جحش تحارب لها فهلكت فيمن هلك
قال الزهري فهذا ما انتهى إلينا من أمر هؤلاء الرهط وقال في حديث يونس احتملته الحمية
هذا حديث صحيح من حديث أبي بكر محمد بن مسلم بن شهاب الزهري كان كبير القدر وافر العلم عن سعيد بن المسيب وعروة بن الزبير وعبيد الله بن عبدالله بن عتبة وهم من الفقهاء السبعة ومن حديث علقمة بن وقاص كلهم عن أم المؤمنين الصديقة رضي الله عنها رواه البخاري في صحيحه عن عبد العزيز بن عبدالله عن إبراهيم بن سعد عن صالح عن ابن شهاب
قال البخاري ( 27 ب ) وكان ذلك في غزوة بني المصطلق وتعرف بغزوة المريسيع وهي قبل غزوة الحديبية فالله أعلم
الحديث العاشر
(1/24)
________________________________________
أخبرنا عمي الإمام الحافظ أبو القاسم رحمةالله عليه قال قرأت على أبي غالب بن البنا عن أبي محمد الحسن الجوهري أنا ابن حيوية أنا ابن معروف أحمد أناأبو علي الحسين بن الفهم نا محمد بن سعد أنا أبو بكر بن عبدالله بن أبي أويس حدثني سليمان بن بلال عن أسامة بن زيد الليثي عن أبي سلمة بن الماجشون عن أبي محمد مولى الغفاريين أن عائشة قالت
( قلت للنبي صلى الله عليه وسلم من أزواجك في الجنة قال أنت منهن )
هذا حديث حسن من حديث أبي سلمة يوسف بن يعقوب بن عبدالله الماجشون روى عن صالح بن إبراهيم بن عبدالرحمن بن عوف أخرج البخاري عنه في الصحيح ( 28 أ ) في الوكالة وغيرها وقد صح عن عمار بن ياسر أنه قال
( إنها زوجته في الدنيا والآخرة )
ولا يظن به أن يتقلد هذا القول إلا بعد العلم اليقين بإخبار النبي صلى الله عليه وسلم له وذلك فيما
أخبرنا أستاذي الإمام قطب الدين أنا أبو محمد البهيقي أنا أبو بكر البهيقي أنا أبو عبدالله الحافظ أنا أحمد بن جعفرالقطيعي نا عبدالله بن أحمد بن حنبل حدثني أبي نا محمد بن جعفر نا شعبة عن الحكم قال سمعت أبا وائل قال
( لما بعث علي عمارا والحسن إلى الكوفة ليستنفرهم خطب عمار فقال
إني لأعلم أنها زوجته في الدنيا والآخرة ولكن الله ابتلاكم لتتبعوه أو إياها )
هذا حديث صحيح من حديث أبي اليقظان عمار بن ياسر مولى بني مخزوم صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم قتل في صفين وكان مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه
رواه البخاري في صحيحه عن محمد بن بشار ( 28 ب ) عن غندر عن شعبة هكذا ورواه الإمام أبو عبدالله أحمد بن حنبل الشيباني الفقيه الزاهد إمام الحديث وناقده أحد الأئمة الأربعة رضي الله عنهم أجمعين
الحديث الحادي عشر
(1/25)
________________________________________
وبالإسناد قال أبو بكر البهيقي أنا أبو عبدالله الحافظ أنا ابو بكر محمد بن عبدالله بن الجنيد نا أحمد بن نصر نا أبو نعيم الفضل بن دكين نا عبدالجبار بن الورد عن عمار الدهني عن سالم بن أبي الجعد عن أم سلمة قالت
( ذكر النبي صلى الله عليه وسلم خروج بعض أمهات المؤمنين وضحكت عائشة فقال لها انظري يا حميراء أن لا تكوني أنت ثم التفت إلى على وقال يا علي إن وليت من أمرها شيئا فارفق بها )
هذا حديث حسن من رواية أم سلمة هند زوجة النبي صلى الله عليه وسلم
وقد روى عن حذيفة بن اليمان أنه أخبر أبا الطفيل بمسير إحدى زوجات 29 أ ) النبي صلى الله عليه وسلم أمهات المؤمنين في كتيبة وحذيفة مات قبل مسيرها والغالب أنه لا يقوله إلا عن سماع
وفي هذا الحديث دلالة على صحة نبوته صلى الله عليه وسلم فيما أخبر أنه سيكون فكان كما قال وذلك دليل على صدقه فيما أخبر عنه من أمور الآخرة والله أعلم
الحديث الثاني عشر
وبالإسناد أنا أبو عبد الله الحافظ نا أبو العباس محمد بن يعقوب نا محمد بن إسحاق لصفاني نا أبو نعيم نا عبدالجبار بن العباس الشيباني عن عطاء بن السائب عن عمر بن الهجنع عن أبي بكرة قال
( قيل له ما منعك أن لا تكون قاتلت على بصيرتك يوم الجمل قال سمعت رسول الله صلى الله عليه سلم يقول
( يخرج قوم هلكى قائدهم امرأة قائدهم في الجنة )
أبو بكر هذا نفيع بن الحارث ثقفي له صحبه روى عنه جماعة من التابعين وفي هذا الحديث دلالة على أنها لا تدخل النار وليست بكافرة بمقاتلة على رضي الله عنه ( 29 ب ) كما زعمت الرافضة وفيه دليل على نبوة النبي صلى الله عليه وسلم
ا

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire