lundi 4 mars 2013

المــــــــرأة المسلمة حقوقها وحريتها في ظل القرآن الكريم


المــــــــرأة المسلمة
حقوقها وحريتها
في ظل القرآن الكريم
دراسة تطبيقية على الواقع المعاصر





إعداد الباحث
د.أحمد بن عبد الله بن عبد المحسن الفريح







1428هـ - 2007م

المقدمة:
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين   وبعد...
فإن من مقاصد الدين التي عليها مدار تعاليمه هي صيانة الفرد، ومنحه الحرية التامة التي لا تتصادم مع مصالح الآخرين، بحيث لا يسيء إلى نفسه ولا إلى غيره، فالإسلام دين عظيم حفظ الله به الحقوق، وصان به الحدود، وبذلك يحصل الأمن والأمان، وتدوم السعادة،
ولكن ذلك المفهوم اختلف في هذه الأزمان المتأخرة، فالهدف هو الانفلات من الدين، وعدم التقيد بالتقاليد، والسعي إلى حرية لا قيود تقيدها، ولا حدود تحدها، وقد تأثر بعض المسلمين بهذا المنطق، فأصبحوا يكررون ما يسمعون، ويطالبون بما لا يتناغم وينقاد لدينهم الذي يعتنقونه، بل يتبعون دون فهم أو بُعد نظر، وربما انطلاقاً من شهواتهم
سبب اختيار الموضوع:
إن من أبرز أسباب اختيار الموضوع ما يلي:
1. أن الإسلام صان المرأة واهتم بشأنها، وكفل حقوقها.
2. عناية القرآن الكريم البالغة بأمر المرأة على اختلاف أحوالها وعلاقتها.
3. أن الله سبحانه وتعالى كرم المرأة ولم يحرمها شيئاً من حقوقها.
4. عظم شأن المرأة في دين الإسلام، ولا أدل على ذلك من عناية القرآن بأمرها.
5. حديث القرآن الكريم عن المرأة يدور على حفظ حقوقها والنهي عن ظلمها، واحترام ذاتها ورأيها، بل يدعوا إلى حسن التعامل معها، وملاطفتها.

تمهيد:
لقد أتت الشريعة الإسلامية تحمل في طيها مصالح الناس في كل عصر في كل حين، في كل زمان وفي كل مكان، أتت الشريعة لتنقل البشرية من الفساد إلى الإصلاح، ومن الضلال إلى الهدى، ومن الجهل إلى المعرفة، بل أتت لترتقي بالبشرية من الدون والانحطاط، إلى الرفعة، ولتأخذ بيدها إلى العلو والرفعة، لقد جاء القرآن الكريم – وهو شريعة المسلمين – بكل أمر فيه صلاح العباد، وصلاح شؤون دينهم ودنياهم، وصدق المولى سبحانه وتعالى إذ يقول {إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم }[الإسراء:]، الشريعة الإسلامية تحمل الخير والفلاح الإنسانية جمعاء، ولا زال التطور السريع في عالم اليوم يشهد بسبق شريعتنا وموافقة توجهاتها للمصالح الاقتصادية والصحية إلى غير ذلك من المصالح الكثيرة،
ومن بديع شأن هذه الشريعة أنها جاءت مصلحة لجميع جوانب الحياة، وجميع أفراد المجتمع، بل لم تغفل شأن من لا يعقل من الدواب، فحفظت الحقوق، وحدت الحدود،
ومن هنا نعلم أن شريعتنا جاءت تحمل كل معاني المحبة والمودة والرحمة للبشرية جمعاء، مسلمهم وكافرهم، برهم وفاجرهم، من يعقل ومن لا يعقل، بل جاءت المصالح المطلقة التي لا ضرر فيها ولا إضرار، وإن لتعجب حين تعلم أن طريقة أداء العبادات تتضمن فوائد صحية ونفسية واجتماعية، كالصلاة ..مثلاً، وقس عليها جميع العبادات بلا استثناء، ومثلها كل ما يخص المعاملات المالية،
إذا علمت ذلك فاعلم أن هذه الشريعة قد رعت مصالح البشرية في جميع جوانب الحياة، وسعت إلى بعدهم عن مواطن الهلكة والردى والبؤس والضياع، وذلك ينتظم جميع شرائح المجتمع، ومن تلك الشرائح شريحة هي من أهم شرائح المجتمع، بل هي نصف المجتمع، ألا وهي المرأة، فلقد اهتم الإسلام بشأن المرأة، وأولاها رعاية خاصة، واهتم بها اهتماماً بالغاً، فحفظ لها حقوقها، وضمن لها الحرية في أجمل صورها، وأبهى مشاعرها، وأكمل مظاهرها، وصان تلك الحرية بالتحذير من سلبها، والوعيد الشديد لمن صادر حريتها؛ لتعيش حياة الراحة والسعادة، بكل معانيها.
لقد أساء كثير من المسلمين فهم مقاصد الشريعة الإسلامية في حفظ حقوق المرأة، فربما أساء التصرف جهلاً، أو بدافع الهوى والطمع، فلا يُنسب الخلل في تطبيق الشريعة إلى انتقاص الشريعة، ووصمها بالتخلف والرجعية، فذلك بهتان عظيم.
ومن هنا رأيت أن أتأمل حال المرأة في آيات القرآن الكريم، وكيف تعامل القرآن معها على اختلاف أحوالها، ووظائفها، وكيف أنه القرآن الكريم بَيَّنَ حقوها، وصانها، ووضح واجباتها، وحثها على القيام به على أكمل وجه، ورفع عنها آصار الجاهلية، واستعبادها للمرأة، وحرمانها من حقوقها، وتوريثها للوارث، فأصبحت تملك بعد أن كانت مملوكة، وأصبحت ترث بعد أن كانت تورث، بل أمر ببرها أماً وحسن عشرتها زوجة، وإكرامها أختاً، والإحسان إليها بنتاً، ولذلك أحببت أن يقف السامع على العدل في شريعة الله تعالى، وإنصافها للمرأة، في الزمن الذي وُصِمَتْ فيه بكبت حرية المرأة، وإلغاء شخصيتها، وتفويت مصالحها، وتعطيل نصف المجتمع – كما يزعم ذلك المغرضون- فإليكم حديث آيات القرآن عن المرأة.

ملخص البحث:
مقدمة
سبب اختيار الموضوع
تمهيد: يتضمن بيان أهم ما تعانيه المرأة عموماً، وما تعانيه المرأة المسلمة في هذا العصر، وما هي الأهداف الحقيقية التي تسعى إليها في الزمن الحاضر، وما هي أسباب الحياة الآمنة لدى المرأة في عالم اليوم.
الفصل الأول: حقوقها:
المبحث الأول: حقها بنتاً على أبيها
المبحث الثاني: حقها أختاً على أخيها
المبحث الثالث: حقها زوجةً على زوجها وهي في عصمته
المبحث الثالث: حقها زوجةً على زوجها بعد الطلاق
المبحث الرابع: حقها أماً على ولدها
المبحث الخامس: حقها ميتة على ذويها
المبحث السادس: حمايتها

الفصل الثاني: واجباتها:
المبحث الأول: حقوق ربها عليها
المبحث الثاني: حقوق زوجها عليها
المبحث الثالث: حقوق والدها عليها
المبحث الرابع: حقوق ولدها عليها
المبحث الخامس: حقوق والدتها
المبحث السادس: حقوق بنتها عليها
المبحث السابع: حقوق إخوانها
المبحث الثامن: حقوق أخواتها

الفصل الثالث: حريتها:
المبحث الأول: في نفسها
المبحث الثاني: إبداء رأيها
المبحث الثالث: ليست إرثاً يورث
المبحث الرابع: الرغبة في الزواج
المبحث الخامس: الدفاع عن نفسها
المبحث السادس:حريتها في مالها
المبحث السابع: حقها في الميراث
المبحث الثامن: النهي عن إكراهها على البغاء
المبحث التاسع: حسن تدبيرها
المبحث العاشر: اتخاذ القرار

الفصل الرابع: آداب مخالطة المرأة للرجال الأجانب:
المبحث الأول: الحياء في المشي
المبحث الثاني: عدم مزاحمة الرجال
المبحث الثالث: الجدية في التخاطب
المبحث الرابع: التستر
المبحث الخامس: الحجاب
المبحث السادس: غض البصر
المبحث  السابع: الوقار أثناء المشي




منهج البحث:
سأقوم في هذا البحث بما يلي:
1. كتابة الآية
2. تفسيرها ثم ذكر ما فيها من الفوائد.
3.

الفصل الأول:حقوقها:        
المبحث الأول: حق المرأة بنتاً :( )
حقها في الحياة: لقد منح الله سبحانه وتعالى كل مخلوق حقه في الحياة، وحرم العدوان عليه بالقتل، ولذلك انتقد ما كان عليه المشركين من قتل أولادهم حين زين لهم الشيطان قتلهم، فقال منتقداً فِعْلهم، ووصمهم بالسفه {قد خسر الذين قتلوا أولادهم سفها بغير علم}[الأنعام:140]، نزلت هذه الآية فيمن يئد البنات من ربيعة ومضر، كان الرجل يستحيي جارية ويئد أخرى، ويشترط ذلك على زوجته ( )، قال قتادة:"هذا صنيع أهل الجاهلية كان أحدهم يقتل ابنته مخافة السبأ والفاقة ويغذوا كلبه"( )، وقال القرطبي:"أخبر بخسرانهم لوأدهم البنات وتحرميهم البحيرة وغيرها بعقولهم، قتلوا أولادهم سفهاً خوف الإملاق، وحجروا على أنفسهم في أموالهم ولم يخش الإملاق فأبان ذلك عن تناقض رأيهم"( )، "كانوا يُبَحِّرُونَ البحائر ويسيبون السوائب ويئدون البنات"( )، وذلك قمة الجهل، قال ابن عباس رضي الله عنهما "إذا سرَّكَ أن تعلم جهل العرب فاقرأ ما فوق الثلاثين والمائة من سورة الأنعام {قد خسر الذين قتلوا أولادهم ..}" ( )، ولذلك أشار المولى سبحانه وتعالى إلى خسرانهم وجهلهم وضعف عقولهم بقوله {سفهاً}، وأي سفه أعظم من أن تحملهم الشياطين على قتل بناتهم، ثم تملي عليهم آلهتهم أن يطلقون سراح البهائم، ليس ذلك فحسب بل يُحَرمون عليهم أكلها والانتفاع بها.
لقد كانوا يقتلون بناتهم خشية العار، حتى إن أحدهم ليشعر بقمة العار حين يُبَشَّرُ بأنثى {وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسوداً وهو كظيم}[النحل:58-59]، فيظهر عدم الرضى على محياه فيعبس ويقطب ويقفهر وجهه، ويقع في نفسه عدم الرضى فيكظم الغيظ في نفسه فيخفي، وُسخطه على القدر، وهمه بالأنثى، ومن شدة شعوره بالعار يغيب عن الأنظار ليفكر في مخرج من هذا العار فيتردد بين أمرين {أيمسكه على هون أم يدسه في التراب}، وفي قراءة شاذة {على هوانٍ}، فهو ما بين أن يبقيها حية مع شعوره بالعار والهوان، وبين أن يدفنها حية في التراب( )، وفعلهم ذلك حكم باطل، ورأي فاشل، فهم ينسبون لله البنات فإذا رزقوا بها وأدوها، ولذلك انتقدهم الله بقوله:{ألا ساء ما يحكمون}[النحل:59]، فحكموا بأن الملائكة إناثا، وقالوا هم بنات الله، واختاروا لأنفسهم الذكور، فلما رزقهم الله بمثل ما نسبوا إليه من البنات وأدوها؛ فانتقدهم الله بقوله:{ويجعلون لله البنات سبحانه ولهم ما يشتهون}[النحل:57] ( )،
وحين يضيق العيش، ويقل الطعام يبادرون إلى توفير الطعام بتقليص عدد أفراد الأسرة، فلم يزيدوا الطعام ليشبع الآكلين، بل بادروا إلى قتل الآكلين ليكثر الطعام، فقتلوا بناتهم دون أبنائهم بدعوى خشية الفقر الفاقة( )، فنهاهم الله عن قتل بناتهم إذا نزل بهم الفقر فقال:{ولا تقتلوا أولادكم من إملاق } [الأنعام:151]، ونهاهم عن قتل بناتهم إذا خشوا أن ينزل بهم الفقر فقال:{ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق }[الإسراء:31] قال الإمام البغوي "أي: لا تئدوا بناتكم خشية العيلة فإني رازقكم وإياهم"( )، ولم يقف الأمر على نهيهم عن القتل بل تكفل سبحانه وتعالى بزوال سبب الفقر، فتكفل برزقهم ورزق أبنائهم فقال { نحن نرزقكم وإياهم }[الأنعام:151] وقال { نحن نرزقهم وإياكم}[الإسراء:31]، ومن عجيب أسلوب القرآن الكريم أن أشار إلى إقدامهم على قتل أولادهم في حالتين، عند خشية نزول الفقر، وعند وقوع الفقر، أما عند وقوع الفقر فقد ضمن الله الرزق للوالد لئلا يشقى برزق ولده فقال:{نحن نرزقكم وإياهم}، وعند خشيتهم من نزول الفقر ضمن لهم رزق أبنائهم فقال:{ نحن نرزقهم وإياكم}، ليطمئن الأب أن ابنته لن تنقص من ماله شيئاً فرزقها من ربه، وقد توعد سبحانه وتعالى من أقدم على إزهاق أرواح أولاده أن يحاسبه على ذلك يوم القيامة، فيسأله سبحانه {بأي ذنب قتلت}[التكوير:8-9]، وذكر سبحانه وتعالى لفظ سؤاله لهم يوم القيام ليشعرهم بشدة ما يترتب عليه من عقاب.
وفي الوقت المعاصر لا تسمع بذلك الوأد وقتل البنات الذي كان عليه أهل الجاهلية - مع وجود من يكره البنات، ويفضل الولد عليها- إلا أن الذي انتشر وشاع بين الناس اليوم هو قطع النسل ومنعه بأنواع العقاقير، ليس لتنظيم النسل ولكن رغبة في عدم تكثير الأبناء، فتجد العائلة مكونه من زوجين وولدين فقط، ولو تأملت الأمر جيداً لوجدت أن الهدف الحقيقي خلف ذلك هو قلة الدخل، فيمنع النسل خوفاً من كثرة التكاليف المادية، وربما وجدت الغني صاحب الثراء الفاحش يمنع النسل طمعاً وجشعاً، وربما كان السبب هو الرغبة في الراحة من كثرة الأبناء، وقد يعتذر بحرصه على الكيف وليس الكم، فهو حريص على التربية الجيدة الصحيحة لأبنائه، فيمنع كثرة النسل حرصاً على جودة التربية، ومع ذلك تجده عاجزاً عن تربية ولديه الذين اقتصر عليهما، وصور قطع النسل كثيرة، تتعدد باختلاف حيلهم وأعذارهم الهزيلة، متعامين عن توجيهه صلى الله عليه وسلم إلى الحث على كثرة النسل، "تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة"( )، فأمر بتزوج المرأة القابلة لكثرة الإنجاب، ثم أجاز تعدد النساء، فتأمل كثرة النسل إذا كان للرجل أربع نساء، ثم شجع النبي صلى الله عليه وسلم على كثرة النسل بمفاخرته بكثرة أمته على غيرها من الأمم:"فإني مكاثر بكم الأمم"، ومن صور قطع النسل ما ظهر في هذا الزمن من التخفف من أعباء الزواج ومسؤولياته، ورغبة في إشباع النهم الجنسي، كزواج المسيار وقبله الزواج بنية الطلاق، ومن أهم شروط هذا النوع من النكاح على الزوجة هو عدم الإنجاب، بل ربط الإنجاب بالطلاق مباشرة، والعياذ بالله، فهو نكاح خالٍ من الولد قبل يتم العقد.
العفاف:
إن من حق البنت على والدها أن يُعفها، ولا سبيل لإعفافها إلا بالزواج، وما سوى ذلك فهو محرم مرفوض في دين الإسلام {وأنكحوا الأيامى منكم ..}[النور:32]، والأيم كل ذكر لا أنثى معه، وكل أنثى لا ذكر معها بكراً كان أم ثيباً ( )، وعرض لوطٌ بناته على من أراد النكاح من أبناء قبيلته فقال {هؤلاء بناتي هن أطهر لكم }[الحجر]، وألا يحرمها من النكاح  لطمع في مال أو غيره{ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن ...}[النساء:19]،
وألا يحرمها حقها في الصداق، فيؤديه إليها لتتصرف فيه كيف شاءت {وآتوا النساء صدقاتهن نحلة }[النساء:4] بل جعل ذلك فرضاً واجباً على الرجال فقال {فآتوهن أجورهن فريضة..}[النساء:24-25] {اللاتي آتيت أجورهن }[الأحزاب:50] ، ولما أساء الناس إلى بناتهم بحرمانهم من حقهن من الصداق – لاسيما اليتامى- انتقدهم الله بقوله {اللاتي لا تؤتونهن ما كتب لهن وترغبون أن تنكحوهن}[النساء:127] {وآتيتم إحداهن قنطاراً فلا تأخذوا منه شيئاً ...}[النساء:20] {إذا آتيتموهن أجورهن }[المائدة:5] و[الممتحنة:10-11]
وحين تسوء العشرة بين الزوجين ويحصل الطلاق، ثم يرغبان في الرجوع فلا يحل لولي الزوجة أو وليها أن يمنعها من العودة إلى زوجها إن رغبت ذلك:{وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن ...}[البقرة:232]

المبحث الثاني: حق المرأة أختاً على أخيها
{حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم ..}[النساء:23]
البنت تعيش بين إخوانها وأخواتها، والأخت في شريعة الإسلام محرمة على إخوانها، فلا تحل لهم سواء كانت العلاقة بينهم بنسب أو رضاع ( )، وتحريمها إنما كان لحكمة يعلمها الله سبحانه وتعالى،

المبحث الثالث: حق المرأة زوجةً على زوجها:
من حقوق المرأة التي حفظها الإسلام للمرأة على زوجها حسن معاشرتها ومعايشتها، وعدم التقصير في حقها بالمعروف {وعاشروهن بالمعروف}[البقرة:19]، ومن حسن المعاشرة في حالة وجود أكثر من زوجة لدى الرجل العدل بينهن {فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة}[النساء:3]، فإن علم من نفسه عدم قدرته على العدل والإنصاف فيما بينهن فعليه أن يقتصر على زوجة واحدة، لما يستوجبه العدل من الجهد الجهيد الذي يصعب معه تمام الإنصاف من الحريص، ولذلك قال سبحانه {ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ..}[النساء:129]، مبيناً مشقة ذلك، وفي حال الضعف عن العدل والإنصاف المتزن فقد نهى الله الزوج عن الميل والجنوح البالغ إلى واحدة دون الأخرى{فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة ...}[النساء:3]، والعدل دليل على تمكن التقوى من قلب الزوج {وأن تعدلوا أقرب للتقوى ..}[]
ومن حقوق المرأة على زوجها الإنصاف والعدل فيما لها وما عليها من الحقوق:{ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف}[البقرة:228] لها على زوجها من الحقوق مثل ما له عليها، فهي حقوق متبادلة بين الزوجين، فلا يحق لأحدهما المطالبة بكامل حقوقه مع تقصيره في حق الطرف الآخر،
وعليه فعلى الزوج قبل أن يطالب بحقه وافراً فعليه أن ينظر إلى نفسه هل أدى لزوجته حقوقها كاملة {وإن امرأة خافت من بعلها نشوزاً أو إعراضاً ...}[النساء:128]
أما حقها في الوطء فقد شرع الله النكاح ليكون عفة للرجل والمرأة {هن لباس لكم وأنتم لباس لهن}[البقرة:187]، {فأتوا حرثكم أنى شئتم}[البقرة:223]، ونهى عن عدم إعفافها والإضرار بها بحرمانها حقها من الوطء، كمن يظاهر من امرأته {والذين يظاهرون منكم من نسائهم ..}[المجادلة:2-3].
ومن حقوق المرأة أن يطعمها من الطيبات، ولا يحرم عليها شيئاً مما أحله الله تعالى لها، وقد انتقد سبحانه وتعالى المشركين حين حرموا نساءهم من أطعمة أحلها لهم فقال:{خالصة لذكورنا ومحرم على أزواجنا}[الأنعام:139]، وفي الحديث:"أن تطعمها مما طعمت وتكسوها مما اكتسيت".


المبحث الثالث: حق المرأة زوجةً على زوجها بعد الطلاق:
لقد كتب الله العدل والإنصاف في كل حال، سواءٌ حال الرضى والسعادة، أو حال السخط والغضب، والحياة لا تدوم قد تستمر على اتفاق ووئام، وقد يحصل الشقاق ويعقبها الفراق، وعلى الزوج أن يكون منصفاً عادلا، فإما أن يبقيها زوجة بكامل حقوقها، أو يسرحها بإحسان، دون إساءة وانتقام، {فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان}[]،
فلا تنقطع حقوق الزوجته على زوجها بعد الطلاق، بل إن هناك حقوقاً لازمة على كل طرف لابد من مراعاتها، ومن ذلك عدم ظلم المطلقة والإساءة إليها {وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو سرحوهن بمعروف..}[البقرة:231] {فإذا بلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف}[الطلاق:2]،
قد يحصل الفراق والطلاق في فترة حمل الزوجة، وعدتها في هذه الحالة وضع حملها، وفي هذه الحالة على الرجل أن ينفق على مطلقته الحامل حتى تضع حملها:{وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن ..}[الطلاق:7-6]،
وكثيراً ما يحصل الفراق بين الزوجين على إثر حصول طفل رضيع، فلابد من مراعاة عطف الزوجة على رضيعها فلا تحرم من إرضاعه، وعلى الزوج أن يعطيها نفقة إرضاعها بعد طلاقها {وإن كن أولا حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن .. فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن ..}[الطلاق:6]،
ولما علم سبحانه وتعالى ما يقع من بعض الأزواج من ظلم ورغبة في استعادة صداقه الذي أصدقها إياه، فيعمد إلى الإساءة إليها ولتضييق عليها، ليلجئها إلى افتداء نفسها بشيء مما أصدقها إياه أو منحه لها، {ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئاً .. فلا جناح عليهما في افتدت به..}[البقرة:229]، بل إن المفترض على الزوج إن يبذل من ماله لزوجه لا أن يبتزها ويستعيد شيئاً مما أعطاها،
ولما كان الطلاق كسر لمشاعر الزوجة، كما أخبر بذلك صلى الله عليه وسلم بقوله "وكسرها طلاقها"، فالطلاق انكسار يصيب المرأة، وشرخ يؤثر في حياتها، ولذلك وجه القرآن الزوج إلى جبر ذلك الكسر وذلك بأن يراعي الزوج انكسار نفسية الزوجة بعد طلاقها فيجبر كسرها بشيء من المال والعوض على قدر سعته {ومتعوهن على الموسع قدره وعلى المقتر قدره متاعاً ...}[البقرة:236-237]،
ولم يقتصر الأمر على حفظ حقوق المرأة حال بقائها في عصمة زوجها بل لها حقوق بعد الفراق بالطلاق، فإن وقع الطلاق وهي حامل فمن حقها أن تُرضع ولدها، ولا يحق للزوج منع الزوجة من إرضاع ولدها إن كانت راغبة في ذلك، فإن لم ترغب في الإرضاع وجب على زوجها إعطاءها مقابل إرضاعها لولده {والوالدات يرضعن أولادهن .. وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف...}[البقرة:233]


المبحث الرابع: حق المرأة أماً على ولدها:
لقد رفع الله سبحانه شأن بر المرأة أماً، فأوجب برها والإحسان إليها، وجعل ذلك قضاءاً قضاه وأمر به، ولم يقف الأمر على ذلك بل عظم الله شأن بر الوالدين بأن قرن برهما بعبادته وتوحيده فقال:{وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا}[الإسراء: ]، وضاعف شأن البر في حال الكبر وتقدم السن، إذ لابد من مراعاة حسن الرد، ولطف الجواب، وطيب الكلام، ولين الجانب والتذلل لهما، مع دعاء لهما بالرحمة على ما كان منهما من بر وإحسان إلى ولدهما فترة الصغر، فقال:{إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أفٍ ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريماً ، واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيراً}[الإسراء: ]
وضمن للوالدة حقها في إرث مورثها فجعل لها فرضاً ثابتاً في ماله، وصاحب الفرض يقدم على العصبة في أخذ حقه وافياً كاملاً، {ولأبويه لكل واحد منهما السدس مما ترك إن كان له ولد ...}[النساء: ]،

المبحث الخامس: حق المرأة ميتة على ابنها:
لم تتوقف علاقة الابن بوالديه في حال الحياة، فالعلاقة مستمرة بعد الممات، والبر يبلغهما بعد دفنهما، ومن ذلك الدعاء، فهو أعظم عمل يقدمه الابن لوالديه بعد موتهما، ولذلك نبه الله إليه في كتابه، فقال على لسان الابن معلماً له أسلوب الدعاء لوالديه، ومذكراً له بفضلهما عليه في حال صباه وضعفه: {رب ارحمهما كما ربياني صغيراً}، ولما كانت مخالفة ذلك من الخطورة بمكان عرض الله صورة الابن العاق لوالديه فقال {والذي قال لوالديه أفٍ لكما أتعدانني أن أخرج ...أولئك الذين حق عليهم القول في أمم قد خلت من قبلهم ...}[الأحقاف: ].

المبحث السادس: حماية المرأة وصيانتها:
المرأة مخلوق ضعيف بحاجة إلى من يحميه ويذود عنه، ويصونه من كل أذى، فلم يهيئها الله تعالى لتخوض قتالاً أو تضرب في فجاج الأرض بحثاً عن الرزق {أومن ينشأ في الحلية وهو في الخصام غير مبين}[الزخرف: ]، بل كرمها وخصها بواجب يتناسب مع طبيعة ما هيأها الله له من حمل وولادة ورعاية لأطفالها وبيتها، وتربية لهم على الأخلاق الفاضلة والصفات الحميدة،
الحياة مليئة بالمواقف السيئة، ولا يزال الشيطان يسول للنفوس الشقاق ويسعى للفراق بين الزوجين بكل سبيل، ومن ذلك أن يلقي الشك في قلب أحد الزوجين تجاه صاحبه، فإذا ما وجدت تلك الشكوك من أحد الطرفين قبولاً اشتعلت نار المشاكل، وحمل ذلك كل طرف على إلقاء التهم جزافاً، فيعمد الرجل إلى التشكيك في عفة زوجته وذلك قذف لعفافها، وانتقاص لطهرها{والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتاناً وإثماً مبيناً}[الأحزاب:58]، ولما كان التمادي في هذه الشكوك والاستجابة لها دون تتبع وتثبت، فقد أوجب الله على القاذف أو المشكك أن يأتي بأربعة شهود يشهدون على صدق ما قال، وإلا وقع العقاب على القاذف، {والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء ...}[النور:4-5] ، وقال {إن الذين يرمون المحصنات ...}[النور:23-25]
وليس أمر الإساءة مقتصراً على القدح في العرض، بل هناك العدوان على الدين، وردها عن دينها، ولذلك قال سبحانه منتقداً أذيتها في دينها {إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ثم لم يتوبوا فلهم }[البروج:4-10]



الفصل الثاني: حقوق غيرها عليها:
المبحث الأول: حقوق ربها عليها: الإيمان به سبحانه وتعالى:{وأقمن الصلاة وآتين الزكاة وأطعن الله ورسوله ...}[الأحزاب:33]
المبحث الثاني: حقوق زوجها عليها:
حفظ عرضه {ولا يأتين ببهتان يفترينه ...}[الممتحنة:12]
{وراودته التي هو في بيتها عن نفسها ...}[يوسف:23]
{ذلك ليعلم أني لم أخنه في الغيب ..}[يوسف:52]

المبحث الثالث:

المبحث الرابع: حقوق والدها عليها:
التربية {أكرمي مثواه}[يوسف:21]
المبحث الخامس: حقوق ولدها عليها:
النهي عن قتله {ولا يقتلن أولادهن}[الممتحنة:12]

المبحث السادس: حقوق والدتها:
{وبراً بوالدتي ولم أكن جباراً عصياً}{ ... شقياً}[مريم: ]
{وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا ...}[الإسراء:] و[الأحقاف: ]
المبحث السابع: حقوق إخوانها:
السعي في مصالحهم {وقالت لأخته قصيه فبصرت به عن جنب وهم لا يشعرون}[القصص: ]
المبحث الثامن: حقوق أخواتها:


الفصل الثالث: حريتها:
في نفسها:
إبداء رأيها {يا أبت استأجره ...}[القصص:26]
الرغبة في الزواج: {إن خير من استأجرت القوي الأمين}[القصص: ] تعريض رغبتها في النكاح. {ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصناً ...}[النور: ]
الدفاع عن نفسها: {ويدرؤ عنها العذاب أن تشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين ...}[النور:6-9]
في مالها: الشراء والبيع {وللنساء نصيب مما اكتسبن}[النساء:32] [القصص:23]
حقها في الميراث {لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها}[النساء:19] {وللنساء نصيب مما ترك الوالدين والأقربون مما قل منه أو كثر نصيباً مفروضاً}[النساء:7] آية الوصية [النساء:11-12، 176]
النهي عن إكراهها على البغاء (حفظ عرضها) {ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصناً}[النور:33]
حريتها في الاعتقاد {ضرب الله مثلاً للذين كفروا امرأة نوح وامرأة لوط ... وضرب الله مثلاً للذين آمنوا امرأة فرعون ...}[التحريم:10-12]
حسن تدبيرها: مشورتها {يا أيها الملأ أفتوني في أمري ما كنت قاطعة أمراً حتى تشهدون ... والأمر إليك فانظري ماذا تأمرين}[29-35] شريعة من قبلنا؟؟؟؟؟
اتخاذ القرار {قالت إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة وكذلك يفعلون ...}[النمل:] شريعة من قبلنا؟؟؟؟؟


الفصل الرابع: آداب مخالطة المرأة للرجال الأجانب:
الحياء في المشي {فجاءته إحداهم تمشي على استحياء}[القصص:25]، {ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن ...}[النور: ]
عدم مزاحمة الرجال {لا نسقي حتى يصدر الرعاء ...}[القصص:25]
عدم التميع في التخاطب {فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولاً معروفاً}[الأحزاب:32]
التستر: {ولا يبدين زينتهن}[النور:31] {ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى ..}[الأحزاب: ]
الحجاب:{ولا يبدين زينتهن}[النور:30-31] {فاسألوهن من وراء حجاب}[الأحزاب:53]
{يدنين عليهن من جلابيبهن}[الأحزاب:59]
حجاب كبار السن {فلا جناح علهن أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة ..}[النور:60]
غض البصر: {وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ..}[النور:31]
الوقار: {ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن ...}[النور:31]





Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire