mardi 5 mars 2013

العلاقة بين الأبناء والآباء.

الفقه الإسلامي - العبادات التعاملية - الحلال والحرام - الدرس 15-22: العلاقة بين الأبناء والآباء.
لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي – تاريخ 02-07-1995م


العلاقة بين الأبناء والآباء.


الحمد الله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون الذكر فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.


أيها الأخوة الكرام: لازلنا مع سلسلة دروس: "الحلال والحرام في الإسلام" ومع الدرس الخامس عشر، وموضوع الدرس: العلاقة بين الآباء والأبناء في الإسلام، وما هو واجب وما هو محرم.
أيها الأخوة الكرام: قبل كل شيء الولد كما يقول العلماء: سر أبيه، وحامل خصائصه، وهو في حياة الأب قرة عين، وهو بعد الموت امتداد لوجود الأب، ومظهر لخلوده، يرث منه الملامح، والسمات، والخصائص، والميزات، يرث الحسن منه كما يرث القبيح والجيد والرديء، وهو بضعة من قلبه، وفلذة من كبده، هذا هو الابن، لذلك حرم الله الزنا وفرض الزواج، حرم السفاح وأمر بالنكاح، حتى تصان الأنساب ولا تختلط المياه ويعرف الولد أباه، ويعرف الأب ابنه، أخطر ما في موضوع الزواج أنه يحفظ الأنساب، هذا ابنه حقاً وهذا أبوه حقاً، وفي مجتمع الغرب حيث شاع الزنا وحلّ السفاح مكان النكاح اختلطت الأنساب.
يا أبي أحببت فلانة أأتزوجها؟ قال: لا يا بني إنها أختك وأمك لا تدري، فلما اختار فتاة ثانية قال: لا يا بني إنها أختك وأمك لا تدري، فلما اختار الثالثة قال أيضاً: هذه أختك وأمك لا تدري، فلما شكا إلى أمه قالت له: خذ أياً شئت فأنت لست ابنه وهو لا يدري.


الإسلام فيه حفظ للأنساب، فيه نعمة لا يعرفها أحد إلا من فقدها، أن الأب على يقينه بوجوده أن هؤلاء أولاده، وأن الأبناء على يقين كيقينهم بوجودهم أن هذا والدهم، وهذه نعمة كبرى نعمة صفاء الأنساب، لذلك أمر الله بالزواج وحرم السفاح، شيء آخر، طبعاً لئلا يسقى زرع الرجل بماء غيره، فمن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يسقي زرعه بماء غيره.
عندما يكون هناك زنا صار هناك مكان للحرث والماء ليس من الأب، لذلك النبي عليه الصلاة والسلام بحديث موجز بليغ جامع مانع قال:
(( الولد للفراش ))
[مسلم عن أبي هريرة]
عندما يكون هناك زوجية صحيحة، فالذي تلده المرأة هو ابن الزوج قطعاً، ولا يحتاج إلى إثبات، ولا إلى تصريح.
أي أن أي مولود تلده المرأة على فراش الزوجية هو من أبيه قطعاً، لذلك أيها الأخوة الكرام: لا يحل للزوج أو للأب أن ينكر نسبة ابنه إليه وهذا من أكبر الكبائر، وهذا يلحق بالابن أكبر الضرر، وأكبر الأذى، وأكبر العار، كما أنه يلحق بالأم أكبر الضرر، وأكبر الأذى، وأكبر العار، لذلك من الكبائر أن ينكر الإنسان نسبة أولاده إليه،  لكن الشرع واقعي لو أن الأب شعر أن هناك مشكلة، أن هناك خيانة، ماذا يفعل؟ في سورة النور حل لهذه المشكلة، ما هذه المشكلة؟ قال تعالى:
 ﴿ وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ (6) وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (7) وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ (8) وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ (9) 
 [سورة النور: آية 6ـ9]
فإذا تلاعنا على من يستقر اللعن؟ يتخذ القاضي قراراً بالتفريق، وإلحاق الابن بأمه بعد الملاعنة، أكبر ذنب ألا يعترف الأب بولده، أما إذا كان هناك بينة فعليه أن يتلاعن هو وزوجته أمام القاضي.
طبعاً هنا في الآية شيء دقيق، والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين.
الزوج يصدق إذا رأى بعينه الخيانة، لكن الزوجة بإمكانها أن ترد بشهادة خامسة كل شهاداته، إنها إن فعلت هذا كذباً فإن غضب الله عليها، أما هو إذا افترى على زوجته فعليه لعنة الله، وفرق كبير بين اللعنة والغضب، إنه إن افترى عليها أسقطها وحطمها، أما هي إن كذبت دفاعاً عن شرفها فتنال غضب الله، لكن لعنة الله أشد من غضبه.



أيها الأخوة: الموضوع المحرم في العلاقة بين الآباء والأبناء هو التبني، التبني كان عند العرب في الجاهلية، وكان هذا السلوك متأصلاًً أشد التأصل في كيانهم، فكان الواحد يتبنى طفلاً، ويلحقه بنسبه، وينال من ميراثه، ويحرم عليه أن يتزوج زوجة متبناه، كما يحرم على الأب أن يتزوج زوجة ابنه، فكان في الجاهلية نظام التبني، هذا النظام قائم على أن أي رجل له زوجة وأولاد من حقه أن يلحق طفلاً بأسرته إلحاقاً كاملاً، يكنى بكنيته، ويلحق بنسبه، وينال من ميراثه، ويحرم عليه ما يحرم من الأبناء على الآباء، هذه العادة ليس لها أساس من الشرع، الابن ابن لكن المتبنى ليس ابناً، هذا المتبنى بكلمة: أنت ابني، أو كلمة: أنت كابني، لا يشعر بعاطفة الأبوة تجاه أبيه، كما أن الأب لا يشعر بعاطفة الأبوة تجاه ابنه، كما أن هذا الابن يميل إلى امرأة أبيه لأنه متبنى يشتهيها، هي أجنبية وليست أمه، فكلمة يقولها الأب: أنت ابني، وألحقه بنسبه، وأعطاه من ميراثه، وحرم على الأب ما يحرم عليه من ابنه، هذه الأحكام الثلاثة ليس لها أصل، فلذلك هذه العادة الجاهلية الشائعة نتج عنها فساد عريض، الابن ينشأ بين أمه وأبيه، هذه أمه وهذا أبوه، في قلبه عاطفة تجاه أمه، وفي قلبه عاطفة تجاه أبيه، والأب يحنو على ابنه، والأم تحنو على ابنها، ولكن هذا الطفل الغريب بكلمة أنت ابني لا يكون ابنه، لا يشعر بشعور الابن تجاه أبيه، ولا يشعر بشعور الأم المقدسة، هي امرأة أجنبية قد يشتهيها، فهذه العادة تؤدي إلى فساد عريض ضمن الأسرة الواحدة، إذا أسرة دخلها شاب أجنبي، أو فتاة أجنبية، في الأعمّ الأغلب يحصل فساد كبير جداً، لأن أحياناً بعض البلاد الأجنبية إذا طالب أحبّ أن يتعلم لغة يلتحق بإحدى الأسر في بريطانية، قال: يعامل كواحد منهم، هو ليس واحداً منهم، هو أجنبي بكل ما في هذه الكلمة من معنى، وقد يقع الفساد العريض، وقد تزل القدم، وقد ينحرف انحرافاً خطيراً مع فتيات هذا البيت، لأنه ليس واحداً منهم، وهذه قضية خطيرة جداً.



قضية التبني محرمة في الإسلام، لكن الذي يلفت النظر أن هذه العادة السيئة حرمها الله مرتين، حرمها بأمره التكليفي، وحرمها بسلوك النبي العملي.
كيف حرمت بالأمر التكليفي؟ الله سبحانه وتعالى يقول:
﴿ وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ ﴾
[سورة الأحزاب: آية 4]
أنت إذا ادعيت أن هذا ابنك وهو ليس ابنك، إذا أحدكم قال: هذا كرسي يصبح كرسياً؟ هذه كلمة لا تقدم ولا تأخر، ولا تفعل شيئاً.
﴿ ادْعُوهُمْ لِآَبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آَبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾
 [سورة الأحزاب: آية 5]
لكن الذي حصل أن سيدنا زيداً هذا الذي كان عبداً، وقدمته السيدة خديجة هدية للنبي عليه الصلاة والسلام، وحينما عرف أبواه مكان ابنهما أتيا إلى النبي صلى الله عليه وسلم وطلبا منه ابنهما، والنبي بكل كرم أخلاق، وبكل بساطة عفوية، عرض عليه أن يذهب مع أبيه، أو أن يختار النبي عليه الصلاة والسلام، لكن هذا الغلام الذي عاش في كنف النبي، ونشأ في بيته الشريف، اختار النبي على أبيه وأمه، فقال: ويحك أتفضل هذا الرجل على أمك وأبيك؟ فقال: لقد رأيت منه ما أنساني أمي وأبي.



هذا الصحابي الجليل سيدنا زيد حينما اختار النبي على أمه وأبيه، خرج النبي عليه الصلاة والسلام وأعلنها في الملأ أن زيداً ابني بالتبني، أن زيداً بن محمد، فصار اسم سيدنا: زيد بن محمد على العادة السائدة في الجاهلية، زيد تزوج ابنة عم النبي صلى الله عليه وسلم زينب، وكان يشكو من زوجته كثيراً، وقد أوحى الله إلى النبي أن يتزوج زينب، أي الآن تماماً هل يعقل لأب لابنه زوجة أن يتزوج زوجة ابنه؟ مستحيل.
وكانت زوجة المتبنى قبل نزول هذا الحكم بمثابة زوجة الابن حقاً، لذلك الله عز وجل ألغى هذه العادة بآيتين، وسوف يلغيها بسلوك النبي عليه الصلاة والسلام.
فالذي حصل أن الله سبحانه وتعالى أمر زيداً أن يطلق امرأته، وأمر النبي أن يتزوجها، طبعاً هناك قصة ترويها بعض الكتب صدقوني لا أصل لها، والنبي أعظم بكثير وأجلّ بكثير أن يفعل ذلك، أنه كان يمشي في الطريق رأى باباً مفتوحاً نظر فإذا امرأة تستحم من غير ثياب، وقعت في نفسه فقال: سبحان الله!
هذه قصة ساقطة ضعها تحت قدمك، النبي أعظم من ذلك، وأجل من ذلك، وأرقى من ذلك، وقد ذكر بعض المفسرين أن هذه القصة لا أصل لها، إنها من ترويج أعداء الإسلام.
أراد الله عز وجل أن يبطل هذه العادة المستحكمة الشائعة في الجاهلية، وهي عادة التبني، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يتزوج زوجة متبناه زينب، وكان هذا على النبي صعباً جداً.
مخالفة شيء مألوف وموثق في الحياة، فلذلك الله عز وجل أشار إلى هذا في آية دقيقة جداً، قال تعالى:
﴿ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا (37) 
[سورة الأحزاب:آية 37]
بهذه الآية سلك النبي صلى الله عليه وسلم سلوكاً عملياً في إبطال عادة التبني.
إنسان يُدخل لبيته شاباً ليس ابنه، وهو يشتهي أخته بالتبني، ويشتهي أمه بالتبني،  وقد تشتهي الأم ابنها بالتبني، فساد عريض، واختلاط أنساب شديد، وفوضى لا نهاية لها.





لذلك الله عز وجل بعد إنهاء هذه العادة أنهى معها ثلاثة أشياء، ألغى أن يرث المتبنى من الذي تبناه، قال تعالى:
﴿ وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (75) 
 [سورة الأنفال:آية 75]



وحرم مع المحرمات قال تعالى:
﴿ وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ ﴾
[سورة النساء:آية 23]



محرم على الأب أن يتزوج زوجة ابنه الذي من صلبه و ليس المتبنى، فلذلك نزل القرآن الكريم في هذا الموضوع فقال الله عز وجل:
﴿ وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ
 [سورة الأحزاب:آية 37]
فكلما شكا زيد إلى النبي صلى الله عليه وسلم امرأته، يقول النبي: أمسك عليك زوجك، معنى هذا أن الله أوحى إليه أن على النبي الكريم أن يتزوج زوجة متبناه، واتقِ الله قال تعالى:
﴿ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا (37) مَا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا (38) الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا (39) مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا (40) 
 [سورة الأحزاب:آية 37ـ40]
الإسلام حرم عادة التبني الذي كانت شائعة في الجاهلية، ومتعمقة الجذور في المجتمع الجاهلي، حرم أن يكون المتبنى كالابن هذه كلمة لا تفعل شيئاً، ولا تغير حقيقة، ولا تقيم حكماً، وسمح للآباء أن يتزوجوا زوجات متبنيهم, لأن هذا المتبني ليس ابناً، ومنع الآباء من أن يورثوا أولادهم بالتبني، ومنعت هذه العادة من أصلها.



 ولكن قد نفهم الآن شيئاً آخر وهو: لو أن هناك طفلاً يتيماً رضيعاً توفيت أمه بعد أن ولدته، وكان أبوه مسافراً، وليس لهذا الطفل أحد يرعاه، إذا ضممته إلى بيتك كان رضيعاً، وأغدقت عليه من عطفك، ورعايتك، وأنفقت عليه، وتوليته بالتربية والرعاية، فهل هذا الشيء محرم؟
لا أبداً ليس محرماً، المحرم أن تلحق نسبه بنسبك، والمحرم أن يختلط بأسرتك، والمحرم أن يرث منك، أما إن لم تلحقه بنسبك، ولم يرث منك، ولم يختلط نسبه بنسبك، و أوليته بالرعاية والعطف، فلما صار طفلاً يعرف عورات النساء وضعته في مكان آخر، أخذته رضيعاً حتى بلغ العاشرة، هذا ليس محرماً، هذا من أجل الأعمال عند الله عز وجل، عندما حرم الإسلام التبني حرم الإلحاق النسبي، وحرم منع الزواج من زوجة المتبنى، وحرم أن يرث المتبنى من المتبني، أما إذا كان ضممته إليك كرعاية، وعطف، وتربية، وإطعام، وإكرام، فهذا من الأعمال الجليلة الصالحة، وليس هذا محرم في الإسلام.
وهناك أشخاص كثر يفعلون مثل هذه الأعمال الطيبة، ولهم عند الله أجر كبير، لذلك قال عليه الصلاة والسلام:
((أنا وكافل اليتيم في الجنة كهاتين، يشير إلى السبابة والوسطى وفرج بينهما))
[ البخاري و أبو داود عن سهل بن سعد]
واللقيط في معنى اليتيم، أنا حدثني أخ يمشي في الطريق إلى صلاة الفجر،  مشى إلى جوار حاوية فرأى فيها كيساً أسود يتحرك، فدهش أمسك بالكيس فإذا فيه غلام ولد لتوه يتحرك، إذا أخذه، ورباه، واعتنى به، إلى أن أصبح طفلاً يعرف عورات النساء، رباه عشر سنوات، ووضعه في ميتم، أو في مؤسسة خيرية، وتولى رعايته إلى أن زوجه، ولو أنها فتاة صغيرة إلى أن شبت وضعها في مكان مناسب عند أحد أقربائها، وزوجها، هذا ليس حراماً في الإسلام، هذا من الأعمال الجليلة.
أما الحرام فاختلاط الأنساب، وإدخال طفل غريب إلى البيت.



الشيء الذي حرمه الإسلام كما يجري الآن في بعض البلاد من التلقيح الصناعي أحياناً يؤخذ ماء رجل آخر يوضع في رحم الزوجة، هذا زنا، مسموح فقط من التلقيح الصناعي إذا كان العلم تقدم، والحوينات عند الرجل غير كافية لإحداث الإخصاب، يأتون بهذه الحوينات ويأتون بالبويضة، الحوينات من الأب والبويضة من الأم، وتوضع البويضة والحوينات في أنبوب، ويتم التلقيح، ثم تزرع هذه البويضة الملقحة في رحم المرأة، هذا شيء لا غبار عليه، وقد أجازه مجمع الفقه الإسلامي.
هذه الحالة الوحيدة التي يجوز أن يفعلها من كان يشكو ضعفاً في حويناته، أو ضعفاً في المبايض من قبل المرأة، أما ما سوى ذلك - أن يؤخذ ماء رجل آخر، أو بويضة امرأة أخرى، أو أن يستأجر رحماً لوضع الماء مع البويضة - فهذا كله حرام، وهذا يلتقي كله مع الزنا، وفيه اختلاط الأنساب.
ولا يخفى أيها الأخوة أن في المجتمعات الغربية الآن حالات كثيرة وقائمة أن يتزوج الإنسان من أخته وهو لا يدري، فوضى، واختلاط في الأنساب، فيمكن للإنسان أن يخطب فتاة هي أخته في الأساس.



الآن كما أنه محرم على الأب أشد التحريم أن ينكر نسب ابنه إلا عن طريق التلاعن الذي ذكرته قبل قليل، محرم على الابن أن ينتسب إلى غير أبيه، وهذا التحريم من أشد أنواع التحريم، قال عليه الصلاة والسلام:
((من ادعى إلى غير أبيه أو انتمى إلى غير مواليه فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفا ولا عدلاً))
[ مسلم عن إبراهيم التيمي عن أبيه]
وفي حديث آخر مروي عن سيدنا سعد بن أبي وقاص أنه قال:
((من ادعى لغير أبيه وهو يعلم فالجنة عليه حرام ))
[ مسلم عن سعد بن أبي وقاص]
دققوا في تشديد الإسلام على صفاء النسب، وعلى عدم اختلاط الأنساب.



الآن ما هو محرم أشد التحريم؟ قال تعالى:
﴿ وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا (31) 
[سورة الإسراء: آية 31]
الآن في بعض المجتمعات الشرقية حيث فرض على الأب والأم إنجاب طفل واحد فإذا جاءت الأنثى قتلت وخنقت، هذا يجري في الصين الآن، وهناك عصابات لخطف الفتيات في سن الزواج، لأنه حينما قتلت البنات ما الذي حصل؟ نقص هذا العدد، وفي بعض الإحصاءات أن في عام ألفين خمسين مليون شاب صيني ليس لهن زوجات، لذلك ﴿ وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ  ، محرم أشد التحريم.
الإجهاض من أنواع قتل الولد، وهو محرم، وما مؤتمر السكان الذي عقد في القاهرة إلا من أجل تحليل الإجهاض، والآن في أمريكا الإجهاض أصبح مسموحاً به، أي امرأة تدخل إلى أي مستشفى حكومي تجري عملية إجهاض دون أن تكون مسؤولة أو محاسبة على عملها، قال تعالى:
﴿ وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ * ﴾
 [سورة التكوير: آية 8ـ9]
وفي الحديث الصحيح سئل عليه الصلاة والسلام أي الذنب أعظم؟ قال" أن تجعل لله نداً وهو الذي خلقك، ثم قيل أي أن تقتل ولدك مخافة أن يطعم معك.
الإجهاض، الإسقاط، القتل أحياناً في بعض المجتمعات، هذا محرم أشد التحريم حتى أن الله سبحانه وتعالى حينما أمر النبي أن يبايع النساء بايعهن على أن:
﴿ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ
[ سورة الممتحنة : آية 12]



الآن من حق الابن على أبيه أن يحفظ له حياته، ومن حق الابن على أبيه أن يحسن تسميته، فلا ينبغي أن يسميه باسم يتأذى معه إذا كبر، يحرم عليه أن يسميه عبد لغير الله، عبد النبي غلط.
الحق الأول أن يحفظ له حياته، والحق الثاني أن يحسن تسميته، والحق الثالث أن يرعاه، وأن يربيه، وأن ينفق عليه، فلا يجوز إهماله، ولا إضاعته، الحقيقة اليتيم الحقيقي الذي يجد أماً تخلت أو أباً مشغولاً، هذا هو اليتيم الحقيقي، ليس اليتيم من فقد والده أو والدته ولكن اليتيم الحقيقي من وجد أماً تخلت عنه أو أباً مشغولاً، قال عليه الصلاة والسلام:
(( كُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ))
[ متفق عليه عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا]
((  كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يُضَيِّعَ مَنْ يَقُوتُ )
[ أبو داود وأحمد عن عبد الله بن عمرو ]
أنا أقول هذه الكلمة: الناس أنت لهم وغيرك لهم، لكن أولادك من لهم غيرك؟   أنت وحدك مسؤول عنهم، لأن الله سبحانه وتعالى جعلهم في رعايتك، وجعلهم تحت جناحيك،  فلذلك مسؤولية الآباء مسؤولية كبيرة جداً جداً، هم مسؤولون عن تربية أبنائهم التربية الإيمانية، وعن تربية أولادهم التربية الخلقية، وعن تربية أولادهم التربية الجسمية، وعن تربية أولادهم التربية العقلية، وعن تربية أولادهم التربية النفسية، وعن تربية أولادهم التربية الاجتماعية، وعن تربية أولادهم التربية الجنسية، وهذه التربيات هي مسؤولية الآباء.
نحن أمضينا في هذا الموضوع ثلاثين درساً في تربية الأولاد في الإسلام، تربية الأولاد تربية إيمانية، وأخلاقية، وعقلية، وجسمية، و نفسية، واجتماعية، وجنسية.
والإنسان إذا اطلع على هذه الدروس، أو استمع إليها، أو قرأ بعض الكتب التي تعالج هذا الموضوع، يتعلم كيف يربي أولاده.
ولا أبالغ أيها الأخوة إن أعظم عمل على الإطلاق أن تربي أولادك التربية الإسلامية الصحيحة، لأنك إن ربيت أولادك هكذا أنت لن تموت، لأنهم استمرار لك، ولك صدقة جارية لا تنقطع، مع أن الإنسان إذا مات انقطع عمله إلا من ثلاث؛ صدقة جارية، وعلم ينتفع به، وولد صالح يدعو له.



أيها الأخوة: لازلت في العلاقة بين الآباء والأولاد، أول فكرة الولد سر أبيه، واستمرار لوجود الأب، وثمرة قلبه، والولد محرم على الأب ألا يعترف بالنسب إليه أشد التحريم، محرم على الأب أن يدخل على هذه الأسرة من ليس منها، التبني، محرم على الأب أن يقتل ابنه بطريقة أو بأخرى، الآن أقف عند نقطة دقيقة: بربكم  لو أن أباً جاهلاً كما هي الحال في الجاهلية وأد ابنته والله سبحانه وتعالى يقول:
﴿ وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ * ﴾
 [سورة التكوير: آية 8ـ9]
إنه إن وأدها وماتت قبل البلوغ، وأدها وهي في السنة الأولى من عمرها أين مصير هذه الفتاة؟ إلى الجنة، أما إذا كبرت وأفسدها أين مصيرها؟ إلى النار، لذلك قال تعالى:
﴿ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ ﴾
 [سورة البقرة:191]
عندما قلت: أب يقتل ابنه وجدت على وجوهكم الاستغراب، هل هناك أب يقتل ابنه؟ في الصين فعلوها، أنا أتابع هذا الموضوع من أوله؛ أول شيء منعت الأسرة إلا من إنجاب ولد واحد، ما الذي كان يحصل؟ تأتي البنت تخنق إلى أن يأتي الغلام فيسجل، واجهوا مشكلة نقص الفتيات، ظهرت عصابات لخطف الفتيات، في عام ألفين هناك خمسون مليون صيني بلا زوجات، هذه مشكلة.



لكن أنا أقول لكم كلاماً آخر طبعاً ليس في عالمنا الإسلامي أي أب في المئة ألف يقتل ابنه، هناك حالات شاذة في بعض المدن في شمال شرق سوريا أب قتل ستة أولاد، قتلهم واحداً واحداً، طبعاً عنده اختلال عقلي، فلما قلت محرم قتل الأبناء رأيت على وجوهكم استغراباً، هذا الذي يربي ابنه تربية لا أخلاقية يطلقه إلى الشهوات، لا  يحمله على الطاعات، يدفعه إلى الكسب الحرام، أين مصير هذا الابن؟ إلى النار لذلك دقق في قوله تعالى:
﴿ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ ﴾
 [سورة البقرة:191]
الأب الجاهل الذي قتل ابنته، ووأدها، مصيرها إلى الجنة، أما الأب الذي أفسد ابنته، وسمح لها أن تخرج كما يحلو لها، وأن تظهر مفاتنها للشباب في الطريق، وهو أب مسلم، ويصلي الجمعة أحياناً، فهذا الأب ليته قتلها، هو الآن أفسدها، فلما أفسدها كانت هذه الفتنة أشد من القتل، الحديث الشريف قال عليه الصلاة والسلام:
(( كُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ))
[ متفق عليه عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا]
((  كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يُضَيِّعَ مَنْ يَقُوتُ )
[ أبو داود وأحمد عن عبد الله بن عمرو ]
 ((إن الله سائل كل راع عما استرعاه أحفظ ذلك أم ضيعه؟ حتى يسأل الرجل عن أهل بيته))
[ابن حبان وأبو نعيم عن أنس]
يوجد أزواج يهمهم من زوجاتهم أن تكون زوجة جيدة، طبخ، تنظيف، لكن هل صلت؟ الغسيل نشرته في الشرفة وهي متكشفة أمام الأجانب والجيران لا يبالي كثيراً، ليس عنده غيرة أحياناً، أما إذا كان الطبخ غير جاهز يقيم النكير، مثل هذا الزوج لا يرعى حقاً لزوجته.



الآن يجب على الآباء - وإنني ألح على هذه الفكرة- أن يسووا بين أبنائهم في العطية حتى يكونوا لهم في البر سواء.
أول قضية أسأل عنها كل أسبوع: الطلاق، ثاني قضية عدم العدل بين الأبناء أب يحرم البنات، وما أكثر هذه الظاهرة، أو أب يحرم أبناءه من زوجة لا يحبها، له زوجتان.
حدثني أخ متزوج فتاة هي بنت لأم مطلقة في أيام العيد وأبوها من أهل الغنى ذهبت إلى بيت أبيها هي وزوجها، فرأت بنات الأم الثانية عند أبيهم، ما كان من الأب إلا أن طردها بشكل أو بآخر، إرضاء لزوجته الجديدة أخرجها من البيت تبكي.
أما بناته الأخريات من الزوجة الجديدة فيسرحون ويمرحون في البيت، أما هذه البنت من زوجة مطلقة فصرفت من البيت، فلذلك الشيء الدقيق أن يسوي بين أبنائه الذكور والإناث في العطية من هذه الزوجة أو من تلك الزوجة، بقول عليه الصلاة والسلام:
((اعْدِلُوا بَيْنَ أَبْنَائِكُمْ، اعْدِلُوا بَيْنَ أَبْنَائِكُمْ))
[ أحمد عن النعمان بن بشير]
و هناك حديث صحيح وقصة هذا الحديث أن امرأة بشير بن سعد الأنصاري طلبت إليه أن يخص ولدها النعمان بن بشير بمنحة مالية، وأرادت توثيق هذه الهبة، فطلبت من زوجها أن يشهد على ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذهب إليه وقال:
((إِني نَحَلْتُ ابني هذا غُلاما كان لي. فقال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- : أكلَّ ولدك نحلته مثل هذا؟ فقال: لا ، فقال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- : فارجعْهُ ».
وفي رواية قال: « تَصَدَّقَ عَليَّ أبي ببعض ماله ، فقالت أُمِّي عَمْرَةُ بنتُ رواحة : لا أرضى حتى تُشْهِدَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. فانطلق أبي إِلى النبي لِيُشهده على صدقتي. فقال له رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- : أفعلتَ هذا بِوَلَدِكَ كُلِّهِم؟ قال: لا ، قال: اتقوا الله ، واعْدِلُوا في أولادكم ، فرجع أبي، فَرَدَّ تلك الصدقة ».
وفي أخرى : فقال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- : « يا بشير ، أَلَكَ وَلَد سِوَى هذا؟ قال : نعم ، قال: أكلَّهُمْ وهبت له مثل هذا؟ قال: لا ، قال: فلا تُشْهِدْني إِذَنْ ، فإِني لا أشهد على جَور».
وفي أخرى : « أشْهِدْ على هذا غيري. ثم قال: أَيَسُرُّكَ أن يكونوا إليك في البِرِّ سواء؟ قال : بلى. قال: فلا ، إِذن » ))
[ متفق عليه عن النعمان بن بشير]
الإنسان قد يعبد الله ستين عاماً ثم لا يعدل بين أولاده فتجب له النار.
أسوأ خاتمة خاتمة رجل أنهى حياته بحرمان بعض أولاده، أو حرمان البنات، وما أكثر الأسر التي تحرم البنات، يقول لك: هذا المال ذهب لغريب.
إذا ابنتك وسعت منزلها في حياتك ودعت لك ما المانع؟
هذه القصة وقعت في عهد النبي.



أخواننا الكرام: الأب الموفق الذي يرجو رحمة الله، الأب الذي يرجو أن يموت على الإيمان، الأب الذي يرجو أن ينجو من عذاب الله، ومن عذاب القبر، عليه أن يعدل بين أولاده في  العطية.
قد يقول أحدكم: هذا الولد يخدمني أكثر، أنت إذا حرمت المقصر زد في إبعاده عنك، وزد في حقده على أخيه، اعدل بينهم، ودع إكرامهم لك، دع ربك يجازيهم عن إكرامهم لك.
اعدل بينهم في العطية، الإمام أحمد يرى - وهذا رأي وجيه- إذا ابن فيه عاهة، كسيح مثلاً، الأب خصه في دكان ليقتات منها استثناء عن أخوته، أحياناً بنت زوجها دخله محدود، البيت مستأجر يوجد ورقة إخلاء، أما بقية البنات فأزواجهم تجار، ودخلهم كبير، فخص هذه البنت الفقيرة ببيت تأوي إليه هي وزوجها، لا يوجد مانع عند الإمام أحمد.
إذا أنت خرجت عن العدل ولكن لمصلحة راجحة راجحة ولك حجة أمام الله عز وجل، الإمام أحمد يرى أنه لاشيء على الإنسان، قال تعالى:

﴿ آَبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا
[سورة النساء: آية 11]
الحقيقة يقول لك أخ: أنا لا أفعل هذا الشيء، هذا الدين ليس لك، هذا الدين لمجموع المجتمع الإسلامي، أي أنا أشعر أحياناً أن هناك أحكاماً ألقيها عليكم أعتقد أن معظمكم لا يفعلها إطلاقاً، لا يوجد أحد يقصر مع أولاده، يجيعهم، لكن هذا هو الشرع، أنا أريد أن أذكر حكم الله.
إن هذا الدين لمجموع الأمة، قد يكون طالب علم متفوق، مخلص، ورع، يتوهم بأن الدرس ليس له، أما هذا الدرس فلمجموع الأمة، أما ما أكثر الآباء الذين لا يعدلون مع أولادهم، وتجد الابن محروقاً، مطعوناً في الصميم، حينما يعمل عملاً مجهداً ولا يأخذ من أبيه حقه، قد يؤثر ابن زوجة جديدة على ابنه من زوجته القديمة.



 نعم آية المواريث تبدأ بقوله تعالى:
﴿ غَيْرَ مُضَارٍّ وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ * تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ 
[سورة النساء: آية 12ـ 14]
﴿أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ 
 [سورة النساء: آية 176]
من خالف شرع الله في الميراث قال: أعدّ الله له ناراً خالداً فيها، و له عذاب مهين، هذه كلها في آيات المواريث.



الآن كما أن الآباء عليهم واجبات تجاه الأبناء في العدل، في العطاء، في الرعاية، في التربية، في الإنفاق، في أن يحسن اسمه، في أن يحسن اختيار أمه، ألا يقتله، ألا ينكر نسبه، الآن على الأبناء واجبات كثيرة، من هذه الواجبات: البر و الطاعة والإكرام قال تعالى:
﴿ وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا 
[سورة الأحقاف:آية 15]
و هناك رجل سأل الرسول:
(( يا رسول الله، مَنْ أحَقُّ الناس بِحُسْن صَحابتي؟ قال : أمُّك '، قال : ثم مَنْ؟ قال : أمُّك، قال : ثم مَنْ؟ قال : أمُّك، قال : ثم مَنْ؟ قال : أبُوك . وفي رواية قال   أمَّك، ثم أمك، ثم أباك ))
[أخرجه البخاري ومسلم عن أبي هريرة ]
وقال عليه الصلاة والسلام:
((ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ قلنا: بلى يا رسول اللّه. قال: الإشراك باللّه، وعقوق الوالدين، وكان متكئًا فجلس فقال: ألا وقول الزور، ألا وشهادة الزور))
[ متفق عليه عن أبي بكرة]
وقال عليه الصلاة والسلام:
(( ثلاثة لا يدخلون الجنة أبداً الديوث والرجلة من النساء ومدمن الخمر )).
 [البيهقي عن عمار بن ياسر]
المتشبهة بالرجال، لبس البنطال للمرأة هذه رجلة.
وقال عليه الصلاة والسلام:
((كل الذنوب يؤخر الله منها ما شاء إلى يوم القيامة إلا عقوق الوالدين فإنه يعجله لصاحبه في الحياة قبل الممات))
[الحاكم وصححه وتعقبه الذهبي والبيهقي والطبراني والخرائطي عن أبي بكرة]
وحينما نهى الله عز وجل أن يقول الابن لأبيه كلمة أف ورد في الأثر أنه لو كان في اللغة أقل من كلمة أف لقالها الله عز وجل.
أي أقل شيء أن تتنفس بصوت مسموع أمام أبيك، هذا محرم.



الحقيقة هناك نقطة مهمة جداً، قال عليه الصلاة والسلام:
((إن من أكبر الكبائر أن يلعن الرجل والديه، قيل يا رسول الله: وكيف يلعن الرجل والديه؟ قال: يسب الرجل أبا الرجل فيسب أباه، ويسب أمه فيسب أمه))
[البخاري عن عبد الله بن عمرو]
إذا إنسان لسانه بذيء وأطلق سباباً، طبعاً الطرف الآخر سيسب الأب، فالذي سبّ أباه هو الذي سبّ آباء الناس حتى سبوا أباه، طبعاً الإساءة مطلق الإساءة أية إساءة للناس تسبب لعن الوالدين.



آخر شيء في الدرس الجهاد ذروة سنام الإسلام، ومع ذلك:
((جاء رجلٌ إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - يستأذنه في الجهاد، فقال : أحيٌّ وَاِلَداكَ؟ . قال : نعم . قال : ففيهما فجاهدْ ))
[البخاري عن عبد الله بن عمرو]
((أقبل رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: أبايعك على الهجرة والجهاد، أبتغي الأجر من الله تعالى، فقال: «هل لك من والديك أحد حي؟» قال: نعم، بل كلاهما، قال: «فتبتغي الأجر من الله تعالى؟» قال: نعم، قال: «فارجع إلى والديك فأحسن صحبتهما))
[متفق عليه عن عبد الله بن عمرو بن العاص]
وفي حديث آخر قال:
((ارجع إليهما فأضحكهما كما أبكيتهما))
[ النسائي عن عبد الله بن عمرو]



آخر شيء لو أن الوالدين كانا كفاراً، وأمراك بمعصية، قال تعالى:
﴿ وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ 
[سورة لقمان: آية 15]
طلب منك الوالد أن تقضي له حاجة، تشتري له دواء، تركب له مدفأة، تقدم له طعاماً، ولو كان كافراً، عليك أن تؤدي حقه، أما إذا أمرك بمعصية الله هذا الأمر وحده لا ينبغي أن ينفذ لقول الله عز وجل:
﴿ وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ 
 [سورة لقمان: آية 15]
والحمد لله رب العالمين

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire